الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }

يقول تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ } أي: الشاكون في توحيد ربهم وعظمته وكماله، { إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } أي: إلى جميع مخلوقاته، وكيف تتفيأ أظلتها، { عَنِ ٱلْيَمِينِ } وعن { ٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ } أي: كلها ساجدة لربها، خاضعة لعظمته وجلاله، { وَهُمْ دَاخِرُونَ } أي: ذليلون تحت التسخير والتدبير والقهر، ما منهم أحد إلا وناصيته بيد الله، وتدبيره عنده. { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ } من الحيوانات الناطقة والصامتة، { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } الكرام، خصهم بعد العموم لفضلهم وشرفهم وكثرة عبادتهم، ولهذا قال: { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي: عن عبادته، على كثرتهم، وعظمة أخلاقهم وقوتهم، كما قال تعالى:لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } [النساء: 172]. { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ } لما مدحهم بكثرة الطاعة والخضوع لله، مدحهم بالخوف من الله الذي هو فوقهم بالذات والقهر، وكمال الأوصاف، فهم أذلاء تحت قهره. { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } أي: مهما أمرهم الله تعالى امتثلوا لأمره، طوعاً واختياراً، وسجود المخلوقات لله تعالى قسمان: سجود اضطرار، ودلالة على ما له من صفات الكمال، وهذا عام لكل مخلوق، من مؤمن وكافر، وبر وفاجر، وحيوان ناطق وغيره، وسجود اختيار يختص بأوليائه وعباده المؤمنين، من الملائكة وغيرهم [من المخلوقات].