يخبر تعالى عن أهل الحجر، وهم قوم صالح الذين كانوا يسكنون الحجر المعروف في أرض الحجاز، أنهم كذبوا المرسلين، أي: كذبوا صالحاً، ومن كذب رسولاً فقد كذب سائر الرسل، لاتفاق دعوتهم، وليس تكذيب بعضهم لشخصه، بل لما جاء به من الحق الذي اشترك جميع الرسل بالإتيان به، { وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا } الدالة على صحة ما جاءهم به صالح من الحق، التي من جملتها تلك الناقة، التي هي من آيات الله العظيمة. { فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } كبراً وتجبراً على الله، { وَكَانُواْ } من كثرة إنعام الله عليهم، { يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ } من المخاوف، مطمئنين في ديارهم، فلو شكروا النعمة وصدقوا نبيهم صالحاً عليه السلام، لأدرَّ الله عليهم الأرزاق، ولأكرمهم بأنواع من الثواب العاجل والآجل، ولكنهم - لما كذبوا وعقروا الناقة، وعتوا عن أمر ربهم وقالوا:{ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [الأعراف: 77]. { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ } فتقطعت قلوبهم في أجوافهم، وأصبحوا في دارهم جاثمين هَلْكَى، مع ما يتبع ذلك من الخزي واللعنة المستمرة { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } لأن أمر الله إذا جاء لا يرده كثرة جنود، ولا قوة أنصار، ولا غزارة أموال.