الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } * { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

يخبر تعالى: أنه وحده { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } على اتساعهما وعظمهما، { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } وهو: المطر الذي ينزله الله من السحاب، { فَأَخْرَجَ } بذلك الماء { مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ } المختلفة الأنواع { رِزْقاً لَّكُمْ } ورزقاً لأنعامكم { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } أي: السفن والمراكب، { لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } فهو الذي يسر لكم صنعتها، وأقدركم عليها، وحفظها على تيار الماء لتحملكم، وتحمل تجاراتكم وأمتعتكم إلى بلد تقصدونه. { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } لتسقي حروثكم وأشجاركم، وتشربوا منها. { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ } لا يفتران، ولا ينيان، يسعيان لمصالحكم، من حساب أزمنتكم ومصالح أبدانكم، وحيواناتكم، وزروعكم، وثماركم، { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ } لتسكنوا فيه { وَٱلنَّهَارَ } مبصراً، لتبتغوا من فضله. { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } أي: أعطاكم من كل ما تعلقت به أمانيكم وحاجتكم، مما تسألونه إياه بلسان الحال، أو بلسان المقال، من أنعام، وآلات، وصناعات وغير ذلك، { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } فضلاً عن قيامكم بشكرها { إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } أي: هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي، مقصر في حقوق ربه، كفَّار لنعم الله، لا يشكرها ولا يعترف بها، إلا من هداه الله فشكر نعمه، وعرف حق ربه وقام به. ففي هذه الآيات من أصناف نعم الله على العباد شيء عظيم، مجمل ومفصل، يدعو الله به العباد إلى القيام بشكره وذكره، ويحثهم على ذلك، ويرغبهم في سؤاله ودعائه، آناء الليل والنهار، كما أن نعمه تتكرر عليهم في جميع الأوقات.