الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }

لما بيَّن تعالى الحق من الباطل، ذكر أن الناس على قسمين: مستجيب لربه، فذكر ثوابه، وغير مستجيب فذكر عقابه فقال: { لِلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ } أي: انقادت قلوبهم للعلم والإيمان، وجوارحهم للأمر والنهي، وصاروا موافقين لربهم فيما يريده منهم، فلهم { ٱلْحُسْنَىٰ } أي: الحالة الحسنة، والثواب الحسن. فلهم من الصفات أجلها ومن المناقب أفضلها ومن الثواب العاجل والآجل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، { وَٱلَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ } بعد ما ضرب لهم الأمثال، وبين لهم الحق، لهم الحالة غير الحسنة، فـ { لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } من ذهب وفضة وغيرها، { وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ } من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم، وأنّى لهم ذلك؟!! { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْحِسَابِ } وهو الحساب الذي يأتي على كل ما أسلفوه من عمل سيِّئ، وما ضيعوه من حقوق الله وحقوق عباده قد كتب ذلك وسطر عليهم، وقالوا:يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [الكهف: 49] { وَ } بعد هذا الحساب السيئ { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } الجامعة لكل عذاب، من الجوع الشديد، والعطش الوجيع، والنار الحامية، والزقوم، والزمهرير، والضريع، وجميع ما ذكره الله من أصناف العذاب، { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } أي: المقر والمسكن مسكنهم.