يقول تعالى: { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ } أي: عِبرٌ وأدلة على كثير من المطالب الحسنة، { لِّلسَّائِلِينَ } أي: لكل من سأل عنها بلسان الحال أو بلسان المقال، فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات والعبر، وأما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات، ولا في القصص والبينات. { إِذْ قَالُواْ } فيما بينهم: { لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ } بنيامين، أي: شقيقه، وإلا فكلهم إخوة. { أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } أي: جماعة، فكيف يفضلهما علينا بالمحبة والشفقة، { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي: لفي خطأ بيِّنٍ، حيث فضلهما علينا من غير موجب نراه، ولا أمر نشاهده. { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً } أي: غيبوه عن أبيه في أرض بعيدة لا يتمكن من رؤيته فيها. فإنكم إذا فعلتم أحد هذين الأمرين { يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ } أي: يتفرغ لكم، ويقبل عليكم بالشفقة والمحبة، فإنه قد اشتغل قلبه بيوسف شغلاً لا يتفرغ لكم، { وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ } أي: من بعد هذا الصنيع { قَوْماً صَالِحِينَ } أي: تتوبون إلى الله، وتستغفرون من بعد ذنبكم. فقدموا العزم على التوبة قبل صدور الذنب منهم تسهيلاً لفعله، وإزالة لشناعته، وتنشيطاً من بعضهم لبعض.