الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { قُلْ } للناس { هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ } أي: طريقي التي أدعو إليها، وهي السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته، المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له، { أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ } أي: أحثُّ الخلق والعباد إلى الوصول إلى ربهم، وأُرغِّبُهُمْ في ذلك وأرهِّبُهم مما يبعدهم عنه. ومع هذا فأنا { عَلَىٰ بَصِيرَةٍ } من ديني، أي: على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية، { وَ } كذلك { مَنِ ٱتَّبَعَنِي } يدعو إلى الله كما أدعو، على بصيرة من أمره { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ } عما نسب إليه مما لا يليق بجلاله، أو ينافي كماله. { وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } في جميع أموري، بل أعبد الله مخلصاً له الدين. ثم قال تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً } أي: لم نرسل ملائكة ولا غيرهم من أصناف الخلق، فلأي شيء يستغرب قومك رسالتك، ويزعمون أنه ليس لك عليهم فضل، فلك فيمن قبلك من المرسلين أسوة حسنة { نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } أي: لا من البادية، بل من أهل القرى الذين هم أكمل عقولاً، وأصح آراء، وليتبين أمرهم ويتضح شأنهم. { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } إذا لم يصدقوا لقولك، { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } كيف أهلكهم الله بتكذيبهم، فاحذروا أن تقيموا على ما أقاموا عليه، فيصيبكم ما أصابهم، { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ } أي: الجنة وما فيها من النعيم المقيم، { خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } الله في امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، فإن نعيم الدنيا منغص منكد، منقطع، ونعيم الآخرة تام كامل، لا يفنى أبداً، بل هو على الدوام في تزايد وتواصل،عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود: 108] { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي: أفلا تكون لكم عقول تؤثِرُ الذي هو خير على الأدنى.