الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ } * { وَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

لما ذكر في هذه السورة من أخبار الأنبياء ما ذكر، ذكر الحكمة في ذكر ذلك، فقال: { وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ } أي: قلبك ليطمئن ويثبت، ويصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، فإن النفوس تأنس بالاقتداء، وتنشط على الأعمال، وتريد المنافسة لغيرها، ويتأيد الحق بذكر شواهده، وكثرة من قام به. { وَجَآءَكَ فِي هَـٰذِهِ } السورة { ٱلْحَقُّ } اليقين، فلا شك فيه بوجه من الوجوه، فالعلم بذلك من العلم بالحق الذي هو أكبر فضائل النفوس. { وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } أي: يتعظون به، فيرتدعون عن الأمور المكروهة، ويتذكرون الأمور المحبوبة لله فيفعلونها. وأما من ليس من أهل الإيمان فلا تنفعهم المواعظ وأنواع التذكير، ولهذا قال: { وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } بعد ما قامت عليهم الآيات، { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } أي: حالتكم التي أنتم عليها { إِنَّا عَامِلُونَ } على ما كنا عليه { وَٱنْتَظِرُوۤاْ } ما يحل بنا { إِنَّا مُنتَظِرُونَ } ما يحل بكم. وقد فصل الله بين الفريقين، وأرى عباده نصره لعباده المؤمنين، وقمعه لأعداء الله المكذبين. { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي: ما غاب فيهما من الخفايا، والأمور الغيبية. { وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأَمْرُ كُلُّهُ } من الأعمال والعمال، فيميز الخبيث من الطيب { فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } أي: قم بعبادته، وهي جميع ما أمر الله به مما تقدر عليه، وتوكل على الله في ذلك. { وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } من الخير والشر، بل قد أحاط علمه بذلك، وجرى به قلمه، وسيجري عليه حكمه وجزاؤه.