الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } * { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ }

يأمر تعالى بإقامة الصلاة كاملة { طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ } أي: أوله وآخره، ويدخل في هذا صلاة الفجر، وصلاتا الظهر والعصر، { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ } ويدخل في ذلك صلاة المغرب والعشاء، ويتناول ذلك قيام الليل، فإنها مما تزلف العبد وتقربه إلى الله تعالى. { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ } أي: فهذه الصلوات الخمس، وما ألحق بها من التطوعات من أكبر الحسنات، وهي: مع أنها حسنات تقرب إلى الله وتوجب الثواب، فإنها تذهب السيئات وتمحوها، والمراد بذلك الصغائر، كما قيدتها الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر " ، بل كما قيدتها الآية التي في سورة النساء، وهي قوله تعالى:إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً } [النساء: 31]. ذلك لعل الإشارة لكل ما تقدم، من لزوم الاستقامة على الصراط المستقيم وعدم مجاوزته وتعديه، وعدم الركون إلى الذين ظلموا، والأمر بإقامة الصلاة، وبيان أن الحسنات يذهبن السيئات، الجميع { ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } يفهمون بها ما أمرهم الله به ونهاهم، ويمتثلون لتلك الأوامر الحسنة المثمرة للخيرات الدافعة للشرور والسيئات، ولكن تلك الأمور تحتاج إلى مجاهدة النفس والصبر عليها، ولهذا قال: { وَٱصْبِرْ } أي: احبس نفسك على طاعة الله، وعن معصيته، وإلزامها لذلك، واستمر ولا تضجر. { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } بل يتقبل الله عنهم أحسن الذي عملوا، ويجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون، وفي هذا ترغيب عظيم، للزوم الصبر، بتشويق النفس الضعيفة إلى ثواب الله كلما ونت وفترت.