الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } * { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ }

{ وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } فألقي السحرة سُجّداً حين تبين لهم الحق. فتوعدهم فرعون بالصلب، وتقطيع الأيدي والأرجل، فلم يبالوا بذلك وثبتوا على إيمانهم. وأما فرعون وملؤه، وأتباعهم، فلم يؤمن منهم أحد، بل استمروا في طغيانهم يعمهون. ولهذا قال: { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } أي: شباب من بني إسرائيل صبروا على الخوف، لما ثبت في قلوبهم الإيمان. { عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ } عن دينهم { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ } أي: له القهر والغلبة فيها، فحقيق بهم أن يخافوا من بطشه. { وَ } خصوصاً { إِنَّهُ } كان { لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } أي: المتجاوزين للحد في البغي والعدوان. والحكمة - والله أعلم - بكونه ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه، أن الذرية والشباب أقبل للحق، وأسرع له انقياداً، بخلاف الشيوخ ونحوهم، ممن تربى على الكفر فإنهم - بسبب ما مكث في قلوبهم من العقائد الفاسدة - أبعد من الحق من غيرهم.