الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } * { مَتَاعٌ فِي ٱلدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ ٱلْعَذَابَ ٱلشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

يقول تعالى مخبراً عن بهت المشركين لرب العالمين { قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } فنزه نفسه عن ذلك بقوله: { سُبْحَانَهُ } أي: تنزه عما يقول الظالمون في نسبة النقائص إليه علواً كبيراً، ثم برهن على ذلك بعدة براهين: أحدها: قوله: { هُوَ ٱلْغَنِيُّ } أي: الغنى منحصر فيه، وأنواع الغنى مستغرقة فيه، فهو الغني الذي له الغنى التام بكل وجه واعتبار من جميع الوجوه، فإذا كان غنياً من كل وجه، فلأي شيء يتخذ الولد؟ ألحاجة منه إلى الولد، فهذا مناف لغناه فلا يتخذ أحد ولداً إلا لنقص في غناه. البرهان الثاني، قوله: { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } وهذه كلمة جامعة عامة لا يخرج عنها موجود من أهل السماوات والأرض، الجميع مخلوقون عبيد مماليك. ومن المعلوم أن هذا الوصف العام ينافي أن يكون له منهم ولد، فإن الولد من جنس والده، لا يكون مخلوقاً ولا مملوكاً. فملكيته لما في السماوات والأرض عموماً تنافي الولادة. البرهان الثالث، قوله: { إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَآ } أي: هل عندكم من حجة وبرهان يدل على أن لله ولداً، فلو كان لهم دليل لأبدوه، فلما تحداهم وعجَّزهم عن إقامة الدليل، علم بطلان ما قالوه. وأن ذلك قول بلا علم، ولهذا قال: { أَتقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } فإن هذا من أعظم المحرمات. { قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ } أي: لا ينالون مطلوبهم، ولا يحصل لهم مقصودهم، وإنما يتمتعون في كفرهم وكذبهم في الدنيا قليلاً، ثم ينتقلون إلى الله ويرجعون إليه، فيذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون.وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [آل عمران: 117].