الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي ٱلأَرْضِ لاَفْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ } أي: يستخبرك المكذبون على وجه التعنت والعناد، لا على وجه التبين والرشاد. { أَحَقٌّ هُوَ } أى: أصحيح حشر العباد، وبعثهم بعد موتهم ليوم المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر؟ { قُلْ } لهم مقسماً على صحته، مستدلاً عليه بالدليل الواضح والبرهان: { إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ } لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه. { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } لله أن يبعثكم، فكما ابتدأ خلقكم ولم تكونوا شيئاً، كذلك يعيدكم مرّة أخرى ليجازيكم بأعمالكم. { وَ } إذا كانت القيامة فـ { لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ } بالكفر والمعاصي جميع { مَا فِي ٱلأَرْضِ } من ذهب وفضة وغيرهما، لتفتدي به من عذاب الله { لاَفْتَدَتْ بِهِ } ولما نفعها ذلك، وإنما النفع والضر والثواب والعقاب، على الأعمال الصالحة والسيئة. { وَأَسَرُّواْ } [أي] الذين ظلموا { ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } ندموا على ما قدموا، ولات حين مناص، { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ } أي: العدل التام الذي لا ظلم ولا جور فيه بوجه من الوجوه. { أَلاۤ إِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } يحكم فيهم بحكمه الديني والقدري، وسيحكم فيهم بحكمه الجزائي. ولهذا قال: { أَلاَ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } فلذلك لا يستعدون للقاء الله، بل ربما لم يؤمنوا به، وقد تواترت عليه الأدلة القطعية والبراهين النقلية والعقلية. { هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي: هو المتصرف بالإحياء والإماتة، وسائر أنواع التدبير، لا شريك له في ذلك. { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يوم القيامة، فيجازيكم بأعمالكم خيرها وشرها.