الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } * { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }

يقول تعالى - مبيناً عجز آلهة المشركين وعدم اتصافها بما يوجب اتخاذها آلهة مع الله - { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ } أي: يبتديه { ثُمَّ يُعِيدُهُ } وهذا استفهام بمعنى النفي والتقرير، أي: ما منهم أحد يبدأ الخلق ثم يعيده، وهي أضعف من ذلك وأعجز، { قُلِ ٱللَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } من غير مشارك ولا معاون له على ذلك. { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } أي: تصرفون، وتنحرفون عن عبادة المنفرد بالابتداء، والإعادة إلى عبادة من لا يخلق شيئاً وهم يخلقون. { قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ } ببيانه وإرشاده أو بإلهامه وتوفيقه. { قُلِ ٱللَّهُ } وحده { يَهْدِي لِلْحَقِّ } بالأدلة والبراهين، وبالإلهام والتوفيق، والإعانة إلى سلوك أقوم طريق. { أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ } أي: لا يهتدي { إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ } لعدم علمه، ولضلاله، وهي شركاؤهم، التي لا تهدي ولا تهتدي إلا أن تُهدَى { فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } أي: أيّ شيء جعلكم تحكمون هذا الحكم الباطل، بصحة عبادة أحد مع الله، بعد ظهور الحجة والبرهان أنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده. فإذا تبين أنه ليس في آلهتهم التي يعبدون مع الله أوصافاً معنوية ولا أوصافاً فعلية، تقتضي أن تعبد مع الله، بل هي متصفة بالنقائص الموجبة لبطلان إلهيتها، فلأي شيء جعلت مع الله آلهة؟ فالجواب: أن هذا من تزيين الشيطان للإنسان، أقبح البهتان، وأضل الضلال، حتى اعتقد ذلك وألفه وظنه حقاً، وهو لا شيء. ولهذا قال: وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء أي: ما يتبعون في الحقيقة شركاء لله، فإنه ليس لله شريك أصلاً عقلاً ولا نقلاً وإنما يتبعون الظن و { إِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } فسموها آلهة وعبدوها مع الله،إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } [النجم: 23]. { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } وسيجازيهم على ذلك بالعقوبة البليغة.