الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } * { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ ٱلْكَافِرُونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ }

يقول تعالى: { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ } وهو هذا القرآن، المشتمل على الحكمة والأحكام، الدالة آياته على الحقائق الإيمانية والأوامر والنواهي الشرعية، الذي على جميع الأمة تلقيه بالرضا والقبول والانقياد. ومع هذا فأعرض أكثرهم فهم لا يعلمون، فتعجبوا { أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } عذاب الله، وخوفهم نقم الله، وذكرهم بآيات الله. { وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } إيماناً صادقاً { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ } أي: لهم جزاء موفور، وثواب مذخور عند ربهم بما قدموه وأسلفوه من الأعمال الصالحة الصادقة. فتعجب الكافرون من هذا الرجل العظيم تعجباً حملهم على الكفر به، فـ { قَالَ ٱلْكَافِرُونَ } عنه: { إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ } أي: بَيِّنُ السحر، لا يخفى بزعمهم على أحد، وهذا من سفههم وعنادهم، فإنهم تعجبوا من أمر ليس مما يتعجب منه ويستغرب، وإنما يتعجب من جهالتهم وعدم معرفتهم بمصالحهم. كيف لم يؤمنوا بهذا الرسول الكريم، الذي بعثه الله من أنفسهم، يعرفونه حق المعرفة، فردوا دعوته، وحرصوا على إبطال دينه، والله متم نوره ولو كره الكافرون.