الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ }

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، وإمام المتقين وخير الموقنين: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي } أي: في ريب واشتباه، فإني لست في شك منه، بل لديَّ العلم اليقيني أنه الحق، وأن ما تدعون من دون الله باطل، ولي على ذلك الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة، ولهذا قال: { فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأنداد والأصنام وغيرها، لأنها لا تخلق ولا ترزق، ولا تدبر شيئاً من الأمور، وإنما هي مخلوقة مسخرة، ليس فيها ما يقتضي عبادتها. { وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ } أي: هو الله الذي خلقكم، وهو الذي يميتكم ثم يبعثكم ليجازيكم بأعمالكم، فهو الذي يستحق أن يعبد ويصلى له ويخضع ويسجد. { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً } أي: أخلص أعمالك الظاهرة والباطنة لله، وأقم جميع شرائع الدين حنيفاً، أي: مقبلاً على الله، معرضاً عما سواه، { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } لا في حالهم، ولا تكن معهم. { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ } وهذا وصف لكل مخلوق، أنه لا ينفع ولا يضر، وإنما النافع الضار هو الله تعالى. { فَإِن فَعَلْتَ } بأن دعوت من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك { فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ } أي: الضارين أنفسهم بإهلاكها، وهذا الظلم هو الشرك كما قال تعالى:إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13] فإذا كان خير الخلق، لو دعا مع الله غيره، لكان من الظالمين المشركين فكيف بغيره؟!!