الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } * { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } * { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } * { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ } * { عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } * { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } * { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } * { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } * { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } * { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } * { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } * { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب }

شرح الكلمات:

كلا: أي لا أداة استفتاح وتنبيه لكسر إن بعدها.

إن الإِنسان: أي ابن آدم قبل أن تتهذب مشاعره وأخلاقه بالإِيمان والآداب الشرعية.

ليطغى: أي يتجاوز الحد المفروض له في سلوكه ومعاملاته.

أن رآه استغنى: أي عندما يرى نفسه قد استغنى بما له أو ولده أو سلطانه.

إن إلى ربك الرجعى: أي إن إلى ربك أيها الرسول الرجعى أي الرجوع والمصير.

الذي ينهى عبدا إذا صلى: أي أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي لعنه الله.

إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى: أي هو رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العدناني.

إن كذب وتولى: أي هو أبو جهل.

لئن لم ينته: أي من أذية رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ومنعه من الصلاة خلف المقام.

لنسفعا بالناصية: أي لنأخذن بناصيته ونسحبه إلى نار جهنم.

فليدع ناديه: أي رجال مجلسه ومنتداه.

سندع الزبانيه: أي خزان جهنم.

كلا: أي ارتدع أيها الكاذب الكافر.

واقترب: أي منه تعالى وذلك بطاعته.

معنى الآيات:

قوله تعالى { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } يخبر تعالى عن طبيعة الإِنسان قبل أن يهذّبه الإِيمان والمعارف الإِلهية المشتملة على معرفة محابّ الله تعالى، ومساخطه أنه إذا رأى نفسه قد استغنى بماله أو ولده أو سلطانه أو بالكُلِّ وما أصبح في حاجة إلى غيره يطغى فيتجاوز حدّ الآداب والعدل والحق والعرف فيتكبر ويظلم ويمنع الحقوق ويحتقر الضعفاء ويسخر بغيره. وأبو جهل كان مضرب المثل في هذا الوصف وصف الطغيان حتى قيل إنه فرعون هذه الأمة، وها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد الحرام خلف المقام فيأتيه هذا الطاغية ويهدده ويقول له لقد نهيتك عن الصلاة هنا فلا تعد، ويقول له إن وجدتك مرة أخرى آخذ بناصيتك وأسحبك على الأرض فينزل الله تعالى هذه الآيات { كَلاَّ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ } فيقف برسوله على حقيقة ما كان يعلمها وهي أن ما يجده من أبي جهل وأضرابه من طغاة قريش علته كذا وكذا ويسليه فيقول له وإن طغوا وتجبروا إن مرجعهم إلينا وسوف ننتقم لك منهم { إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ } يا رسولنا { ٱلرُّجْعَىٰ } إذاً فاصبر على أذاهم وانتظر ما سيحل بهم إن مصيرهم إلينا لا إلى غيرنا وسوف ننتقم منهم ثم يقول له قولا يحمل العقلاء على التعجب من سلوك أبي جهل الشائن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ }؟ وهل الذي يصلي ينهى عن الصلاة وهل الصلاة جريمة وهل في الصلاة ضرر على أحد؟ فكيف ينهى عنها؟ ويقول له { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ } أي المصلي الذي نهى عن الصلاة وهو الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم { عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة وكرامتهما؟ { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } أي أمر غيره بما يتقي به عذاب الدنيا والآخرة، هل الأمر بالهدى والتقوى أي بأسباب النجاة والسعادة يعادي ويحارب؟ ويضرب ويهدد؟ إن هذا لعجب العجاب.

السابقالتالي
2