الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } * { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } * { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } * { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } * { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } * { إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } * { فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ } * { وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ }

شرح الكلمات:

ألم: الاستفهام للتقرير أي إن الله تعالى يقرر رسوله بنعمه عليه.

نشرح لك صدرك: أي بالنبوة، وبشقه وتطهيره وملئه إيمانا وحكمة.

ووضعنا عنك وزرك: أي حططنا عنك ما سلف من تبعات أيام الجاهلية قبل نبوتك.

الذي أنقض ظهرك: أي الذي أثقل ظهرك حيث كان يشعر صلى الله عليه وسلم بثقل السنين التي عاشها قبل النبوة لم يعبد فيها الله تعالى بفعل محابه وترك مكارهه لعدم علمه بذلك.

ورفعنا لك ذكرك: أي أعليناه فاصبحت تذكر معي في الآذان والإِقامة والتشهد.

فإن مع العسر يسرا: أي مع الشدة سهولة.

فإذا فرغت: أي من الصلاة.

فانصب: أي اتعب في الدعاء.

وإلى ربك فارغب: أي فاضرع إليه راغبا فيما عنده من الخيرات والبركات.

معنى الآيات:

قوله تعالى { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } هذه ثلاث منن أخرى بعد المنن الثلاث التي جاءت في السورة قبلها منّها الله تعالى على رسوله بتقريره بها فالأولى بشرح صدره ليتسع للوحي ولما سيلقاه من قومه من سيء القول وباطل الكلام الذي يضيق به الإِنسان والثانية وضع الوزر عنه فإِنه صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن له وزر حقيقة فإِنه كان يشعر بحمل ثقيل من جراء ترك العبادة والتقرب إلى الله تعالى في وقت ما قبل النبوة ونزول الوحي عليه إذ عاش عمرا أربعين سنة لم يعرف فيها عبادة ولا طاعة لله، أما مقارفة الخطايا فقد كان محفوظا بحفظ الله تعالى له فلم يسجد لصنم ولم يشرب خمرا ولم يقل أو يفعل إثما قط. فقد شق صدره وهو طفل في الرابعة من عمره وأخرجت منه العلقة التي هي محطة الشيطان التي ينزل بها من صدر الإِنسان ويوسوس بالشر للإِنسان والثالثة رفع الذكر أي ذكره صلى الله عليه وسلم إذ قرن اسمه باسمه تعالى في التشهد وفي الأذان والإِقامة وذلك الدهر كله وما بقيت الحياة. وقوله تعالى { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } فهذه بشرى بقرب الفرج له ولأصحابه بعد ذلك العناء الذي يعانون والشدة التي يقاسون ومن ثم بشر صلى الله عليه وسلم أصحابه وهو يقول " لن يغلب عسر يسرين لن يغلب عسر يسرين " وقوله { فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ } هذه خطة لحياة المسلم وضعت لنبي الإِسلام محمد صلى الله عليه وسلم ليطبقها أمام المسلمين ويطبقونها معهم حتى الفوز بالجنة والنجاة من النار وهي فإِذا فرغت من عمل ديني فانصب لعمل دنيوي وإذا فرغت من عمل دنيوي فانصب لعمل ديني أخروي فمثلا فرغت من الصلاة فانصب نفسك للذكر والدعاء بعدها، فرغت من الصلاة والدعاء فانصب نفسك لدنياك، فرغت من الجهاد فانصب نفسك للحج.

السابقالتالي
2