الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } * { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } * { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } * { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } * { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } * { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } * { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ }

شرح الكلمات:

إذا يغشى: أي بظلمته كل ما بين السماء والأرض في الإِقليم الذي يكون به.

إذا تجلى: أي تكشف وظهر في الإِقليم الذي هو به وإذا هنا وفي التي قبلها ظرفية وليست شرطية.

وما خلق الذكر والأنثى: أي ومن خلق الذكر والأنثى آدم وحواء وكل ذريتهما وهو الله تعالى.

إن سعيكم لشتى: أي إن عملكم أيها الناس لمختلف منه الحسنة المورثة للجنة ومنه السيئة الموجبة للنار.

من أعطى واتقى: أي حق الله وأنفق في سبيل الله واتقى ما يسخط الله تعالى من الشرك والمعاصي.

وصدق بالحسنى: أي بالخلف لحديث اللهم أعط منفقا خلفاً.

فسنيسره لليسرى: أي فسنيسره للخلة أي الخصلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا ليوجب له به الجنة في الآخرة.

وأما من بخل واستغنى: أي منع حق الله والإِنفاق في سبيل الله واستغنى بماله عن الله فلم يسأله من فضله ولم يعمل عملا صالحا يتقرب به إليه.

وكذب بالحسنى: أي بالخلف وما ثتمره الصدقة والإِيمان وهو الجنة.

فسنيسره للعسرى: فسنهيئه للخلة العسرى وهي العمل بما يكرهه الله ولا يرضاه ليكون قائده إلى النار.

إذا تردى: أي في جهنم فسقط فيها.

معنى الآيات:

قوله تعالى { وَٱلْلَّيْلِ } أقسم تعالى بالليل { إِذَا يَغْشَىٰ } بظلامه الكون، وبالنهار { إِذَا تَجَلَّىٰ } أي تكشف وظهر وهما آيتان من آيات الله الدالتان على ربوبيته تعالى الموجبة لألوهيته، وأقسم بنفسه جل وعز فقال { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } أي والذي خلق الذكر والأنثى آدم وحواء ثم سائر الذكور وعامة الإِناث من كل الحيوانات وهو مظهر لا يقل عظمة على آيتي الليل والنهار والمقسم عليه أو جواب القسم هو قوله { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } أي إن عملكم أيها الناس لمختلف منه الحسنات الموجبة للسعادة والكمال في الدارين ومنه السيئات الموجبة للشقاء في الدارين أي دار الدنيا ودار الآخرة. وبناءً على هذا { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ } حق الله في المال فأنفق وتصدق في سبيل الله { وَٱتَّقَىٰ } الله تعالى فآمن به وعبده ولم يشرك به { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } التي هي الخلف أي العوض المضاعف الذي واعد به تعالى من ينفق في سبيله في قولهوَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } [سبأ: 39] وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيح " ما من يوم تطلع فيه الشمس إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " ، فَسَيُهيِّئُهُ للخلة اليسرى وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا ويثيبه عليه في الآخرة بالجنة { وَأَمَّا مَن بَخِلَ } بالمال فلم يعط حق الله فيه ولم يتصدق متطوعا في سبيل الله { وَٱسْتَغْنَىٰ } بماله وولده وجاهه فلم يتقرب إلى الله تعالى بطاعته في ترك معاصيه ولا في أداء فرائضه وكذب بالخلف من الله تعالى على من ينفق في سبيله { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } أي فسنهيئه للخلة العسرى وهي العمل بما يكره الله تعالى ولا يرضاه من الذنوب والآثام ليكون ذلك قائده إلى النار.

السابقالتالي
2