الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

شرح الكلمات:

جاهد الكفار: ابذل غاية جهدك في قتال الكفار والمنافقين.

واغلظ عليهم: أي في القول والفعل أي شدد عليهم ولا تلن لهم.

كلمة الكفر: أي كلمة يكفر بها من قالها وهي قول الجلاس بن سويد: إن كان ما جاء به محمد حقاً لنحن شرّ من الحمير.

وهموا بما لم ينالوا: أي هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم في مؤامرة دنيئة وهم عائدون من تبوك.

وما نقموا إلا أن أغناهم: أي ما أنكروا أو كرهوا من الإِسلام ورسوله إلا أن أغناهم الله بعد فقر أعلى مثل هذا يهمون بقتل رسول الله؟

معنى الآيتين:

يأمر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين فيقول { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ } وجهاد الكفار يكون بالسلاح وجهاد المنافقين يكون باللسان، وقوله تعالى { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } أي شدد عملك وقولك، فلا هوادة مع من كفر بالله ورسوله، ومع من نافق الرسول والمؤمنين فأظهر الإِيمان وأسر الكفر وقوله تعالى { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } أي جهنم يريد ابذل ما في وسعك في جهادهم قتلاً وتأديباً هذا لهم في الدنيا، وفي الآخرة مأواهم جهنم وبئس المصير، وقوله تعالى في الآية الثانية [74] { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } هذا الكلام علّة للأمر بجهادهم والإِغلاظ عليهم لقول الجلاس بن سويد المنافق: لئن كان ما جاء به محمد حقاً لنحن شر من الحمير سمعه منه أحد المؤمنين فبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء الجلاس يعتذر ويحلف بالله ما قال الذي قال فأكذبه الله تعالى في قوله في هذه الآية { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ } والسياق دال على تكرر مثل هذا القول الخبيث وهو كذلك. قوله تعالى { وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } يعني المنافقين الذين تآمروا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم عند عودته من تبوك في عقبة في الطريق إلا أن الله فضحهم وخيّب مسعاهم ونجى رسوله منهم حيث بعث عمار بن ياسر يضرب وجوه الرواحل لما غشوه فردوا وتفرقوا بعد أن عزموا على أن يزاحموا رسول الله وهو على ناقته بنوقهم حتى يسقط منها فيهلك أهلكهم الله. وقوله تعالى { وَمَا نَقَمُوۤاْ } أي وما كرهوا من رسول الله ولا من الإِسلام شيئاً إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله وهل الغنى بعد الفقر مما ينقم منه، والجواب لا ولكنه الكفر والنفاق يفسد الذوق والفطرة والعقل أيضاً.

ومع هذا الذي قاموا به من الكفر والشر والفساد يفتح الرب الرحيم تبارك وتعالى باب التوبة في وجوههم ويقول { فَإِن يَتُوبُواْ } من هذا الكفر والنفاق والشر والفساد يك ذلك { خَيْراً لَّهُمْ } حالاً ومآلاً أي في الدنيا والآخرة، { وَإِن يَتَوَلَّوْا } عن هذا العرض ويرفضوه فيصرون على الكفر والنفاق { يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً } أي موجعاً في الدنيا بالقتل والخزي، وفي الآخر بعذاب النار، { وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ } يتولاهم ولا ناصر ينصرهم، أي وليس لهم في الدنيا من ولي يدفع عنهم ما أراد الله أن ينزله بهم من الخزي والعذاب وما لهم من ناصر ينصرهم بعد أن يخذلهم الله سبحانه وتعالى.

السابقالتالي
2