الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } * { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }

شرح الكلمات:

يحذر المنافقون: أي يخافون ويحترسون.

تنزَّل عليهم سورة: أي في شأنهم فتفضحهم بإظهار عيبهم.

تنبّئهم بما في قلوبهم: أي تخبرهم بما يضمرونه في نفوسهم.

قل استهزئوا: الأمر هنا للتهديد.

مخرج ما تحذرون: أي مخرجه من نفوسكم مظهره للناس أجمعين.

نخوض ونلعب: أي نخوض في الحديث على عادتنا ونلعب لا نريد سباً ولا طعناً.

تستهزئون: أي تسخرون وتحتقرون.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن المنافقين لكشف الستار عنهم وإظهارهم على حقيقتهم ليتوب منهم من تاب الله عليه قال تعالى مخبراً عنهم { يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم } أي يخشى المنافقون أن تنزل في شأنهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم { سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ } أي تخبرهم بما في قلوبهم فتفضحهم، ولذا سميت هذه السورة بالفاضحة وقوله تعالى لرسوله { قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } يهددهم تعالى بأن الله مخرج ما يحذرون إخراجه وظهوره مما يقولونه في خلواتهم من الطعن في الإِسلام وأهله. وقوله تعالى { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } أي عما قالوا من الباطل. لقالوا { إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } لا غير. قل لهم يا رسولنا { أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } وذلك أن نفراً من المنافقين في غزوة تبوك قالوا في مجلس لهم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت هذه الآيات: وجاءوا يعتذرون لرسول الله فأنزل الله { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } أي الذي كنتم تدعونه، لأن الاستهزاء بالله والرسول والكتاب كفر مخرج من الملة، وقوله تعالى { إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ } لأنهم يتوبون كمخشي بن حمير، { نُعَذِّبْ طَآئِفَةً } أخرى لأنهم لا يتوبون وقوله تعالى { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } علة للحكم بعذابهم وهو إجرامهم بالكفر والاستهزاء بالمؤمنين إذ من جملة ما قالوا: قولهم في الرسول صلى الله عليه وسلم يظن هذا يشيرون إلى النبي وهم سائرون - يفتح قصور الشام وحصونها فأطلع الله نبيه عليهم فدعاهم فجاءوا واعتذروا بقولهم إنا كنا نخوض أي في الحديث ونلعب تقصيراً للوقت، ودفعاً للملل عنا والسآمة فأنزل تعالى { قُلْ أَبِٱللَّهِ } الآية.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- الكشف عن مدى ما كان يعيش عليه المنافقون من الحذر والخوف.

2- كفر من استهزأ بالله أو آياته أو رسوله.

3- لا يقبل اعتذار من كفر بأي وجه وإنما التوبة أو السيف فيقتل كفراً.

4- مصداق ما أخبر به تعالى من أنه سيعذب طائفة فقد هلك عشرة بداء الدبيلة " خراج يخرج من الظهر وينفذ ألمه إلى الصدر فيهلك صاحبه حتماً ".