الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

شرح الكلمات:

عُزير: هو الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه، واليهود يسمونه: عِزْرا.

المسيح: هو عيسى بن مريم عليهما السلام.

يضاهئون: أي يشابهون.

قول الذين كفروا: أي من آبائهم وأجدادهم الماضين.

قاتلهم الله: أي لعنهم الله لأجل كفرهم.

أنى يؤفكون: أي كيف يصرفون عن الحق.

أحبارهم ورهبانهم: الأحبار جمع حبر: علماء اليهود، والرهبان جمع راهب عابد النصارى.

أرباباً من دون الله: أي آلهة يشرعون لهم فيعملون بشرائعهم من حلال وحرام.

نور الله: أي الإِسلام لأنه هاد إلى الإِسعاد والكمال في الدارين.

بأفواههم: أي بالكذب عليه والطعن فيه وصرف الناس عنه.

رسوله: محمداً صلى الله عليه وسلم.

معنى الآيات:

لما أمر تعالى بقتال أهل الكتاب لكفرهم وعدم إيمانهم الإِيمان الحق المنجي من النار ذكر في هذه الآيات الثلاث ما هو مقرر لكفرهم ومؤكد له فقال { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ } ونسبة الولد إلى الله تعالى كفر بجلاله وكماله { وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } ونسبه الولد إليه تعالى كفر به عز وجل وبماله من جلال وكمال وقوله تعالى: { ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ } أي ليس له من الواقع شيء إذ ليس لله تعالى ولد، وكيف يكون له ولد ولم تكن له زوجة، وإنما ذلك قولهم بأفواههم فقط { يُضَاهِئُونَ } أي يشابهون به { قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ } وهم اليهود الأولون وغيرهم وقوله تعالى { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } دعاء عليهم باللعن والطرد من رحمة الله تعالى وقوله { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } أي كيف يصرفون عن الحق ويبعدون عنه بهذه الصورة العجيبة وقوله { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } هذا دليل آخر على كفرهم وشركهم إذ قبولهم قول علمائهم وعبادهم والإِذعان له والتسليم به حتى أنه ليحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه، شرك وكفر والعياذ بالله، وقوله { وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ } أي اتخذه النصارى رباً وإلهاً، وقوله تعالى { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً } أي لم يأمرهم أنبياؤهم كموسى وعيسى وغيرهما إلا بعبادة الله تعالى وحده لا إله إلا هو ولا رب سواه وقوله { سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } نزه تعالى نفسه عن شركهم. وقوله تعالى { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ } أي يريد اليهود والنصارى أن يطفئوا نور الله الذي هو الإِسلام بأفواههم بالكذب والافتراء، والعيب والانتقاص، { وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } ، وقد فعل فله الحمد وله المنة، وأصبح الإِسلام الظاهر على الأديان كلها، هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث أما الآية الرابعة [33] فقد أخبر تعالى أنه { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ } أي محمداً { بِٱلْهُدَىٰ } وهو القرآن { وَدِينِ ٱلْحَقِّ } الذي هو الإِسلام، وقوله { لِيُظْهِرَهُ } أي الدين الحق الذي هو الإِسلام { عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }.

السابقالتالي
2