الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } * { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } * { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } * { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } * { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } * { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } * { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } * { فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } * { سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } * { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا }

شرح الكلمات:

سبح اسم ربك: أي نزه اسم ربك أن يُسمى به غيره وأن يذكر بسخرية أو لعب أي لا يذكر إلا بإجلال وإكبار ونزه ربك عما لا يليق به من الشرك والصاحبة والولد والشبيه والنظير.

الأعلى: أي فوق كل شيء والقاهر لكل شيء.

الذي خلق فسوى: أي الإِنسان فسوى أعضاءه بأن جعلها متناسبة غير متفاوتة.

والذي قدر فهدى: أي قدر ما شاء لمن شاء وهداه إلى إتيان ما قدره له وعليه.

والذي أخرج المرعى: أي أنبت العشب والكلأ.

فجعله غثاء أحوى: أي بعد الخضرة والنضرة هشيما يابسا أسود.

سنقرئك فلا تنسى: أي القرآن فلا تنساه بإِذننا.

إلا ما شاء الله: أي إلا ما شئنا أن ننسيكه فإِنك تنساه وذلك إذا أراد الله تعالى نسخ شيء من القرآن بلفظه فإِنه يُنسي فيه رسوله صلى الله عليه وسلم.

ونيسرك لليسرى: أي للشريعة السهلة وهي الإِسلام.

فذكر إن نفعت الذكرى: أي من تذكر أو لم تنفع ومعنى ذكر عظ بالقرآن.

ويتجنبها: أي الذكرى أي يتركها جانبا فلا يلتفت إليها.

الأشقى: أي الكافر الذي كتبت شقاوته أزلا.

يصلى النار الكبرى: أي نار الدار الآخرة.

لا يموت فيها ولا يحيا: أي لا يموت فيستريح، ولا يحيا فيهنأ.

معنى الآيات:

قوله تعالى { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } هذا أمر من الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأمته تابعة له بأن ينزه اسم ربّه عن أن يسمى به غيره، أو أن يذكر في مكان قذر، أو أن يذكر بعدم إجلال واحترام، والأعلى صفة للربّ تبارك وتعالى دالة على علوه على خلقه فالخلق كله تحته وهو قاهر له وحاكم فيه. الذي خلق فسوى اي أوجد من العدم المخلوقات وسوى خلقها كل مخلوق بحسب ذاته فعدل أجزاءه وسوى بينها فلا تفاوت فيها { وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } أي قدر الأشياء في كتاب المقادير من خير وغيره وهدى كل مخلوق إلى ما قدره له أو عليه فهو طالب له حتى يدركه في زمانه ومكانه وعلى الصورة التي قدر عليها { وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } أي ما ترعاه البهائم من الحشيش والعشب والكلأ. { فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ } أي فجعله بعد الخضرة والنضرة هشيما متفرقا يابسا بين سواد وبياض وهي الحوّة هذه خمس آيات الآية الأولى تضمنت الأمر بتنزيه اسم الله والأربع بعدها في التعريف به سبحانه وتعالى حتى يعظم اسمه وتعظم ذاته وتنزه عن الشريك والصاحبة والولد وقوله تعالى { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } هذه عِدَةٌ من الله تعالى لرسوله. لعل سببها أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا جاءه جبريل بالآيات يخاف نسيانها فيستعجل قراءتها قبل فراغ جبريل عليه السلام من إملائها عليه فيحصل له بذلك شدة فطمأنه ربّه أنه لا ينسى ما يقرئه جبريل { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أن ينسيه إياه لحكمة اقتضت ذلك فإِنه ينساه فقد كان صلى الله عليه وسلم ينسى وذلك لما أراد الله أن ينسخه من كلامه.

السابقالتالي
2