الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } * { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } * { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ } * { لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } * { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } * { إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } * { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ وَرَآءَ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } * { وَٱلَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ } * { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ }

شرح الكلمات:

إن الإنسان خلق هلوعا: أي إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعا أي كثير الجزع سريعه وكثير المنع حريصا عليه.

على صلاتهم دائمون: أي لا يقطعونها أبداً ما داموا أحياء يعقلون.

حق معلوم: أي نصيب معيّن عينه الشارع وهو الزكاة.

للسائل والمحروم: أي الطالب الصدقة والذي لا يطلبها حياء وتعففا.

يصدقون بيوم الدين: أي يؤمنون بيوم القيامة للبعث والجزاء.

مشفقون: أي خائفون متوقعون العذاب عند المعصية.

لفروجهم حافظون: أي صائنون لها عن النظر إليها وعن الفاحشة.

أو ما ملكت أيمانهم: أي من السُّريات من الجواري التي يملكونها.

فأولئك هم العادون: أي المعتدون الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام.

لأماناتهم: أي ما ائتمنوا عليه من أمور الدين والدنيا.

راعون: أي حافظون غير مفرطين.

قائمون: أي يقيمون شهاداتهم لا يكتمونها ولا يحرفونها.

يحافظون: أي يؤدونها في أوقاتها في جماعات مع كامل الشروط والأركان والواجبات والسنن.

معنى الآيات:

قوله تعالى إن الإِنسان أي هذا الآدمي المنتصب القامة الضاحك الذي سمي بالإِنسان لأنسه بنفسه ورؤية محاسنها ولنسيانه واجب شكر ربّه هذا الإِنسان خلق هلوعاً قابلا لوصف الهلع فيه عند بلوغه سن التمييز والهلع مرض نفسي عرضه الذي يُعرَف به جزعه الشديد متى مسه الشر، ومنعه القوي للخير متى مسه وظفر به. فقد فسر تعالى الهلع بقوله، { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً }. ثم ذكر تعالى ما يعالج به هذا المرض باستثنائه من جنس الإِنسان من يتصفون بالصفات الآتية وهي عبارة عن عبادات شرعية بعضها فعل وبعضها ترك من شأنها القضاء على هذا المرض الخطير المسمى بالهلع والذي لا يعالج إلا بما وصف تعالى في قوله:

1) إدامة الصلاة بالمواظبة عليها ليل نهار إذ قال تعالى { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } وبشرط أن تؤدى إيماناً واحتساباً وأداءً صحيحا بمراعاة شروطها وأركانها وسننها.

2) الاعتراف بما أوجب الله في المال من حق وإعطاء ذلك الحق بطيب نفس لمن سأل ولمن لم يسأل ممن هم أهل للزكاة والصدقات لقوله { وَٱلَّذِينَ فِيۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ }.

3) التصديق الكامل بيوم القيامة وهو البعث والجزاء لقوله تعالى { وَٱلَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ }.

4) الاشفاق والخوف من عذاب الله عند عروض خاطر المعصية بترك واجب أو فعل محرم لقوله تعالى { وَٱلَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ } أي دائما وأبداً لأن عذاب ربهم غير مأمون الوقوع.

5) حفظ الفرج بستره عن أعين الناس ما عدا الزوج وصيانته من فاحشة الزنا واللواط وجلد عميرة أي الاستمناء باليد والمعروف اليوم بالعادة السرية لقوله تعالى { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } من السراري { فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ } في إتيانهم أزواجهم وجواريهم اللائي ملكوهنّ بالجهاد أو الشراء الشرعي وقوله تعالى { فَمَنِ ٱبْتَغَىٰ } أي طلب ما وراء الزوجة والسريّة { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْعَادُونَ } أي الظالمون الذين تجاوزوا الحلال إلى الحرام فكانوا بذلك معتدين ظالمين.

السابقالتالي
2