الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ }

شرح الكلمات:

وإلى ثمود: أي أرسلنا إلى ثمود، وثمود قبيلة سميت باسم جدها وهو ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح.

أخاهم صالحاً: أي في النسب وصالح هو صالح بن عبيد بن آسف بن كاشح بن عبيد بن حاذر بن ثمود.

آية: علامة على صدقي في أني رسول الله إليكم.

وبوأكم في الأرض: أنزلكم في منازل تحبون فيها.

وتنحتون: تنجرون الحجارة في الجبال لتتخذوا منازل لكم لتسكنوها.

آلاء الله: نعم الله تعالى وهي كثيرة.

ولا تعثوا: أي لا تفسدوا في الأرض مفسدين.

استكبروا: عتوا وطغوا وتكبروا فلم يقبلوا الحق ولم يعترفوا به.

معنى الآيات:

هذا القصص الثالث قصص نبي الله صالح عليه السلام قال تعالى { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } أي وأرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم صالحاً نبياً أرسلناه بما أرسلنا به رسلنا من قبله ومن بعده بكلمة التوحيد { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } وهذا مدلول كلمة الإِخلاص التي جاء بها خاتم الأنبياء " لا إله إلا الله " { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } تشهد بأنه لا إله إلا هو، وأني رسوله إليكم، هذه البينة ناقة تخرج من صخرة في جبل، { هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } علامة وأية علامة على صدقي في إرسال الله تعالى لي رسولاً إليكم لتعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئاً، فذروا هذه الناقة تأكل في أرض الله { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، فكانت الناقة ترعى في المرج، وتأتي إلى ماء القوم فتشربه كله، ويتحول في بطنها إلى لبن خالص فيَحْلِبون ما شاءوا وقال لهم يوماً هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم، ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم، ووعظهم عليه السلام بقوله: { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ } أي بعد هلاكهم، وكانت ديار عاد بحضرموت جنوب الجزيرة العربية وديار ثمود بالحجر شمال الجزيرة بين الحجاز والشام. وقوله { وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أرض الحِجْر تتخذون من سهولها قصوراً تسكنونها في الصيف، وتنحتون من الجبال بيوتاً تسكنونها في الشتاء، { فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ } أي نعمه العظيمة لتشكروها بعبادته وحده دون ما اتخذتم من أصنام، وحذَّرهم من عاقبة الفساد فقال { وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } أي لا تنشروا الفساد في الأرض بالشرك وارتكاب المعاصي وإزاء هذه الدعوة الصادقة الهادفة إلى هداية القوم وإصلاحهم لينجوا من عاقبة الشرك والشر والفساد { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } أي قوم صالح، قالوا { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } أي لمن آمن من ضعفاء القوم: { أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّه } ، وهو استفهام سخرية واستهزاء دال على صلف القوم وكبريائهم، فأجاب المؤمنون من ضعفة القوم قائلين { إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } قالوها واضحةً صريحةً مُعْلنةً عن إيمانهم بما جاء به رسول الله صالح غير خائفين، وهنا ردّ المستكبرون قائلين: { إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } وإمعاناً منهم في الجحود والتكبّر، لم يقولوا إنا بما أرسل به كافرون حتى لا يعترفوا بالرسالة ولو في جواب رد الكلام فقالوا { إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ }.

السابقالتالي
2