الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ } * { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } * { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

شرح الكلمات:

واختار موسى قومه سبعين رجلاً: أي أخذ خيار قومه وهم سبعون رجلاً.

لميقاتنا: أي للوقت الذي حددناه ليأتينا مع سبعين رجلاً.

أخذتهم الرجفة: الصاعقة التي رجفت لها القلوب.

السفهاء: جمع سفيه: وهو الذي لا رشد له في سائر تصرفاته.

إن هي إلا فتنتك: أي ما هي إلا فتنتك أي اختبارك لأهل الطاعة من عبادك.

أنت ولينا: أي المتولي أمرنا وليس لنا من ولي سواك.

هدنا إليك: أي رجعنا إليك وتبنا.

الأمي: الذي لا يقرأ ولا يكتب.

المعروف، والمنكر: ما عرفه الشرع والمنكر: ما أنكره الشرع.

ويحرم عليهم الخبائث: أي بإذن الله والخبائث جمع خبيثة: كالميتة مثلاً.

ويضع عنهم إصرهم والأغلال: الإِصر: العهد والأغلال: الشدائد في الدين.

عزروه: أي وقروه وعظموه.

واتبعوا النور الذي أنزل معه: القرآن الكريم.

هم المفلحون: الفائزون أي الناجون من النار الداخلون الجنة.

معنى الآيات:

ما زال السياق في أحداث موسى مع بني إسرائيل فإنه بعد الحدث الجلل الذي حصل في غيبة موسى وذلك هو عبادة جل بني إسرائيل العجل واتخاذهم له إلهاً فإن الله تعالى وقت لموسى وقتاً يأتيه فيه مع خيار بني إسرائيل يطلب لهم التوبة من الله سبحانه وتعالى. قال تعالى { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً } ولما انتهى بهم إلى جبل الطور وغشيت الجبل غمامة وأخذ موسى يناجي ربه تعالى وهم يسمعون قالوا لموسى لن نؤمن لك بأن الذي كان يكلمك الرب تعالى حتى نرى الله جهرة أي عياناً وهنا غضب الله تعالى عليهم فأخذتهم صيحة رجفت لها قلوبهم والأرض من تحتهم فماتوا كلهم، وهو معنى قوله تعالىفَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } [الأعراف: 78، 91] وهنا أسف موسى عليه السلام لموت السبعين رجلاً وقد اختارهم الخير فالخير فإذا بهم يموتون أجمعون فخاطب ربه قائلا { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ } أي من قبل مجيئنا إليك { وَإِيَّايَ } وذلك في منزل بني إسرائيل حيث عبدوا العجل { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } أي بسبب فعل السفهاء الذين لا رشد لهم، وهم من عبدوا العجل كمن سألوا رؤية الله تعالى، وقوله عليه السلام { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ } أي إلا اختبارك وبليتك { تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ أَنتَ وَلِيُّنَا } فليس لنا سواك { فَٱغْفِرْ لَنَا } أي ذنوبنا { وَٱرْحَمْنَا } برفع العذاب عنا { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ } { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } بأن توفقنا لعمل الصالحات وتتقبلها منا، { وَفِي ٱلآخِرَةِ } تغفر ذنوبنا وتدخلنا جنتك مع سائر عبادك الصالحين، وقوله { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } أي إنا قد تبنا إليك فأجابه الرب تعالى بقوله { عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } أي من عبادي وهم الذين يفسقون عن أمري ويخرجون عن طاعتي { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } وبهذا القيد الوصفي، وبما بعده خرج إبليس واليهود وسائر أهل الملل ودخلت أمة الإِسلام وحدها إلا من آمن من أهل الكتاب واستقام على دين الله وهو الإِسلام.

السابقالتالي
2