الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } * { ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } * { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ }

شرح الكلمات:

تبارك الذي بيده الملك: أي تعاظم وكثُر خير الذي بيده الملك أجمع ملكاً وتصرفاً وتدبيراً.

وهو على كل شيء قدير: أي وهو على إيجاد كل ممكن وإعدامه قدير.

الذي خلق الموت والحياة: أي أوجد الموت والحياة فكل حيّ هو بالحياة التي خلق الله وكل ميّت هو بالموت الذي خلق الله.

ليبلوكم أيكم أحسن عملا: أي أحياكم ليختبركم أيكم يكون أحسن عملاً ثم يميتكم ويحييكم ليجزيكم.

وهو العزيز الغفور: أي وهو العزيز الغالب على ما يريده الغفور العظيم المغفرة للتائبين.

طباقا: أي طبقة فوق طبقة وهي السبع الطباق ولا تماس بينها.

ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت: أي من تباين وعدم تناسب.

هل ترى من فطور: أي من شقوق أو تصدع.

كرتين: أي مرتين مرة بعد مرة.

خاسئا وهو حسير: أي ذليلاً مبعداً كالاً تعباً منقطعاً عن الرؤية إذ لا يرى خللا.

بمصابيح: أي بنجوم مضيئة كالمصابيح.

رجوماً للشياطين: أي مراجم جمع مرجم وهو ما يرجم به أي يرمى.

وأعتدنا لهم عذاب السعير: أي وهيأنا لهم عذاب النار المسعّرة الشديدة الاتّقاد.

معنى الآيات:

قوله { تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } مجّد الرّب تعالى نفسه وعظمها وأثنى عليها بما هو أهله من الملك والسلطان والقدرة والعلم والحكمة فقال عز وجل تبارك أي تعاظم وكثر خير الذي بيده الملك الحقيقي يحكم ويتصرف ويدير بعلمه وحكمته لا شريك له في هذا الملك والتدبير والسلطان. { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فما أراد ممكنا إلا كان، ولا أراد انعدام ممكن إلا انعدم. الذي خلق الموت والحياة لحكمة عالية لا باطلا ولا عبثا كما يتصور الكافرون والملاحدة الدهريون بل { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } أي خلق الحياة بكل ما فيها، ليذكر ويشكر من عباده فمن ذكر وشكر وأحسن ذلك، أعدّ له جناتٍ ينقله إليها بعد نهاية الحياة والعمل فيها، ومن لم يذكر ولم يشكر أو ذكر وشكر ولم يحسن ذلك بأن لم يخلص فيه لله، ولم يؤده كما شرع الله أعدّ له ناراً ينقله إليها بعد نهاية الحياة الدنيا حياة العمل، إذ هذه الحياة للعمل، وحياة الآخرة للجزاء على العمل. وقوله تعالى { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ } ثناء آخر أثنى به تعالى على نفسه فأعلم أنه العزيز الغالب الذي لا يُحال بينه وبين ما يريد الغفور العظيم المغفرة إذ يغفر الذنوب للتائب ولو كانت مثل الجبال وزبد البحر. وقوله { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً } هذا ثناء آخر بعظيم القدرة وسعة العلم والحكمة خلق سبع سماوات طباقا سماء فوق سماء مطابقة لها ولكن من غير مماسة إذ ما بين كل سماء وأخرى هواء وفراغ مسيرة خمسمائة عام فالمطابقة المعادلة والمساواة في الجرم لا بوضع سماء على الأخرى كغطاء القدر مثلاً.

السابقالتالي
2