الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ }

شرح الكلمات:

جاهد الكفار: أي بالسيف.

والمنافقين: أي باللسان.

واغلظ عليهم: أي أشدد عليهم في الخطاب ولا تعاملهم باللين.

فخانتاهما: أي في الدّين إذ كانتا كافرتين.

فلم يغنيا عنهما: أي نوح ولوط عن امرأتيهما.

من الله شيئاً: أي من عذاب الله شيئاً وإن قلَّ.

امرأة فرعون: أي آسيا بنت مزاحم آمنت بموسى.

أحصنت فرجها: أي حفظته فلم يصل إليه الرجال لا بنكاح ولا زنا.

فنفخنا فيه من روحنا: أي نفخنا في كُمَّ درعها بواسطة جبريل الملقب بروح القدس.

وصدقت بكلمات ربها: أي بولدها عيسى أنه كلمة الله وعبده ورسوله.

معنى الآيات:

في الآية الأولى [9] يأمر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بعدما ناداه بعنوان النبوة تشريفاً وتكريماً يأمره بجهاد الكفار والمنافقين فالكفار بالسيف، وشن الغارات عليهم حتى يسلموا، والمنافقون بالقول الغليظ والعبارة البليغة المخيفة الحاملة للوعيد والتهديد. وقوله تعالى: { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } أي أشدد وطأتك على الفريقين على المنافقين باللسان، وعلى الكافرين بالسنان. ومأواهم جهنم وبئس المصير إذا ماتوا على نفاقهم وكفرهم، أو من علم الله موتهم على ذلك. وقوله تعالى في الآية الثانية [10] ضرب الله مثلاً في عدم انتفاع الكافر بقرابة المؤمن مهما كانت درجة القرابة عنده. وهو امرأة نوح وامرأة لوط إذ كانت كل واحدة منها تحت نبي رسول فخانتاهما في دينهما فكانتا كافرتين فامرأة نوح تفشى سر من يؤمن بزوجها وتُخبر به الجبابرة من قوم نوح حتى يبطشوا به وكانت تقول لهم إن زوجها مجنون، وامرأة لوط كانت كافرة وتدل المجرمين على ضيوف لوط إذا نزلوا عليه في بيته وذلك في الليل بواسطة النار، وفي النهار بواسطة الدخان. فلما كانتا كافرتين لم تُغن عنهما قرابتهما بالزوجة شيئاً. ويوم القيامة يقال لهما: ادخلا النار مع الداخلين من قوم نوح وقوم لوط. هذا مثل وآخر في عدم تضرر المؤمن بقرابة الكافر ولو كانت القرابة الزوجية وما أقواها، وهو - المثل - إمرأة فرعون الكافر الظالم آسيا بنت مزاحم كانت قد آمنت بموسى مع من آمن فلما عرف فرعون إيمانها أمر بقتلها فلما علمت بعزم الطاغية على قتلها قالت في مناجاتها لربها: رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله الذي هو الكفر والظلم حتى لا أكون كافرة بك ولا ظالمة لأحد من خلقك، ونجني من القوم الظالمين أي من عذابهم فُشدت أيديها وأرجلها لتلقى عليها صخرة عظيمة إن هي أصرت على الإيمان فرفعت بصرها إلى السماء فرأت بيتها في الجنة ففاضت روحها شوقاً إلى الله وإلى بيتها في الجنة وقد رأته فوصلت الصخرة إليها بعد أن فاضت روحها فنجاها الله من عذاب القتل الذي أراده لها فرعون وعصابته الظلمة الكافرون.

السابقالتالي
2