الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } * { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }

شرح الكلمات:

إذا جاءك المنافقون: أي حضر مجلسك المنافقون كعبد الله بن أبي وأصحابه.

قالوا نشهد إنك لرسول الله: أي قالوا بألسنتهم ذلك وقلوبهم على خلافه.

والله يشهد إنَّ المنافقين لكاذبون: أي والله يعلم أن المنافقين لكاذبون أي بما أضمروه من أنك غير رسول الله.

اتخذوا أيمانهم جنة: أي سترة ستروا بها أموالهم وحقنوا بها دماءهم.

فصدوا عن سبيل الله: أي فصدوا بها عن سبيل الله أي الجهاد فيهم.

إنهم ساء ما كانوا يعملون: أي قبح ما كانوا يعملونه من النفاق.

ذلك: أي سوء عملهم.

بأنهم آمنوا ثم كفروا: أي آمنوا بألسنتهم، ثم كفروا بقلوبهم أي استمروا على ذلك.

فطبع على قلوبهم: أي ختم عليها بالكفر.

فهم لا يفقهون: أي الإِيمان أي لا يعرفون معناه ولا صحته.

تعجبك أجسامهم: أي لجمالها إذ كان ابن أبي جسيما صحيحاً وصبيحاً ذلق اللسان.

وإن يقولوا تسمع لقولهم: أي لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم.

كأنهم خشب مسندة: أي كأنهم من عظم أجسامهم وترك التفهم وعدم الفهم خشب مسندة أي أشباح بلا أرواح، وأجسام بلا أحلام.

يحسبون كل صيحة عليهم: أي يظنون كل صوت عال يسمعونه كنداء في عسكر أو إنشاد ضالة عليهم وذلك لما في قلوبهم من الرعب أن ينزل فيهم ما يبيح دماءهم.

هم العدو فاحذرهم: أي العدو التام العداوة فاحذرهم أن يفشوا سرك أو يريدوك بسوء.

قاتلهم الله أنى يؤفكون: أي لعنهم الله كيف يصرفون عن الإِيمان وهم يشاهدون أنواره وبراهينه.

معنى الآيات:

قوله تعالى { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ } لنزول هذه السورة سبب هو أن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبيُّ بن سلول يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل رسولاً إلى ابن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني فأصابني هم لم يصبني مثله فجلست في بيتي فأنزل الله عز وجل إذا جاءك المنافقون إلى قوله الأعز منها الأذل فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال إن الله قد صدقك.

قوله إذا جاءك المنافقون أي إذا حضر مجلسك المنافقون عبد الله بن أبي ورفاقه قالوا نشهد إنك لرسول الله وذلك بألسنتهم دون قلوبهم. قال تعالى: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } سواء شهد بذلك المنافقون أو لم يشهدوا. والله يشهد إنَّ المنافقين لكاذبون في شهادتهم لعدم مطابقة قولهم لاعتقادهم. اتخذوا أيمانهم جنة أي جعلوا من أيمانهم الكاذبة جنة كجنة المقاتل يسترون بها كما يستتر المحارب بجنته فوق رأسه، فهم بأيمانهم الكاذبة أنهم مؤمنون وقوا بها أنفسهم وأزواجهم وذرياتهم من القتل والسبي، وبذلك صدوا عن سبيل الله أنفسهم وصدوا غيرهم ممن يقتدون بهم وصدوا المؤمنين عن جهادهم بما أظهروه من إيمان صوري كاذب.

السابقالتالي
2