الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ }

شرح الكلمات:

يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض: أي ينزه الله تعالى عما لا يليق به ما في السماوات وما في الأرض من سائر الكائنات بلسان القال والحال، ولم يقل (من) بدل (ما) تغليباً لغير العاقل لكثرته علي العاقل.

في الأميين: أي العرب لندرة من كان يقرأ منهم ويكتب.

رسولاً منهم: أي محمداً صلى الله عليه وسلم إذ هو عربي قرشي هاشمي.

ويزكيهم: أي يطهرهم أرواحاً وأخلاقاً.

ويعلمهم الكتاب والحكمة: أي هدى الكتاب وأسرار هدايته.

وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين: أي وإن كانوا من قبل بعثة الرسول في ضلال الشرك والجاهلية.

وآخرين منهم لما يلحقوا بهم: أي وآخرين مؤمنين صالحين لما يلحقوا أي لم يحضروا حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُعلْم الكتابَ والحكمة، وسيلحقون بهم وهم كل من لم يحضر حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم من العرب والعجم.

ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء: أي كون الصحابة حازوا فضل السبق هذا فضل يؤتيه من يشاء فلا اعتراض ولكن الرضا وسؤال الله من فضله فإنه ذو فضل عظيم.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } يخبر تعالى عن نفسه أنه يسبحه بمعنى ينزهه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله من سائر مظاهر العجز والنقص ويقدسه كذلك وذلك بلسان الحال والقال وهذا كقوله من سورة الإِسراء وإن من شيء إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم. ومع هذا شرع لنا ذكره وتسبيحه وتعبدنا به، وجعله عونا لنا على تحمل المشاق واجتياز الصعاب فكم أرشد رسوله له في مثل قوله: سبح اسم ربك، وسبحه بكرة وأصيلا، وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً. وواعد على لسانه رسوله بالجزاء العظيم على التسبيح في مثل قوله صلى الله عليه وسلم " من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر " ورغب فيه في مثل قوله: " كلمتان ثقيلتان في الميزان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ".

وقوله { ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ } أي المالك الحاكم المتصرف في سائر خلقه لا حكم إلا له. ومرد الأمور كلها إليه المنزه عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله من سائر النقائص والحوادث.

وقوله تعالى { ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } أي كل خلقه ينزهه ويقدسه وهو العزيز الغالب على أمره الذي لا يُحال بينه وبين مراده الحكيم في صنعه وتدبيره لأوليائه وفي ملكه وملكوته. وقوله تعالى: { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ } أي بعث في الأمة العربية الأمية رسولا منهم هو محمد صلى الله عليه وسلم إذ هو عربي قرشي هاشمي معروف النسب إلى جده الأعلى عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل.

السابقالتالي
2