الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } * { قُلْ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ يَقُصُّ ٱلْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ ٱلْفَٰصِلِينَ } * { قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِٱلظَّالِمِينَ }

شرح الكلمات:

سلام عليكم: دعاء بالسلامة من كل مكروه، وهي تحية المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة في الجنة.

كتب ربكم على نفسه الرحمة: أي أوجب الرحمة على نفسه فلذا لا يعذب إلا بعد الإِنذار، ويقبل توبة من تاب.

سوءاً: أي ذنباً أساء به إلى نفسه.

بجهالة: الجهالة أنواع منها: عدم تقدير عاقبة الذنب، ونسيان عظمة الرب.

تستبين: تتضح وتظهر.

نهيت: أي نهاني ربي أي زجرني عن عبادة أصنامكم.

تدعون: تعبدون.

بينة: البينة: الحجة الواضحة العقلية الموجبة للحكم بالفعل أو الترك.

إن الحكم: أي ما الحكم إلا لله.

يقص الحق: أي يخبر بالحق.

خير الفاصلين: الفصل في الشيء: القضاء والحكم فيه، والفاصل في القضية: الحاكم فيها ومنهيها.

معنى الآيات:

يرشد الله تبارك وتعالى رسوله إلى الطريقة المثلى في الدعوة إليه، بعد أن نهاه عن الطريقة التي هم بها وهي طرد المؤمنين من مجلسه ليجلس الكافرون رجاء هدايتهم فقال تعالى: { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا } أي يصدقون بنبوتك وكتابك وما جئت به من الدين الحق فهؤلاء رحب بهم وقل سلام عليكم ومهما كانت ذنوبهم التي ارتكبوها، وأخبرهم أن ربهم تعالى قد كتب على نفسه الرحمة فلا يخافون ذنوبهم بعد توبتهم وإنابتهم إلى ربهم بالإِيمان به وتوطين النفس على طاعته، { أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ } أي أقلع عن الذنب نادماً مستغفراً، وأصلح نفسه بالصالحات فإن ربه غفور رحيم فسيغفر له ويرحمه. هكذا يستقبل كل عبد جاء مؤمناً مستفتياً يسأل عن طريق النجاة يستقبل بالبشر والطلاقة والتحية والسلام لا بالعنف والتقريع والتوبيخ. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [54] أما الآية الثانية [55] فإنه تعالى بعد أن نهى رسوله عن الاستجابة لاقتراح المشركين المتكبرين، وعن طرد المؤمنين وعن حكمته في وجود أغنياء وفقراء وأقوياء وضعفاء في الناس وعن الطريقة المثلى في استقبال التائبين المستفتين بعد هذا كله قال تعالى: { وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ } أي مثل هذا التفصيل نفصل الآيات مستقبلاً لبيان الهداية الإِلهية ليهتدي من أراد الله له الهداية وقد طلبها ورغب فيها، ولتستبين وتتضح سبيل المجرمين، فلا تُتبع وَيَنْهى عن اتباعها، لأنها طريق الهلاك والدمار. هذا ما أفادته الآية الثانية أما الآيات الثالثة والرابعة والخامسة في هذا السياق فهي تحمل الهداية الإِلهية للرسول صلى الله عليه وسلم في طريق دعوته إلى ربه فكل آية من تلك الآيات مفتتحة بكلمة (قل) أي قل أيها الرسول لأولئك المشركين الذين يدعونك إلى موافقتهم على شركهم وعبادة غيري معهم { إِنِّي نُهِيتُ } أي نهاني ربي أن أعبد ما تدعون من الأصنام والأوثان، وقل لهم: لا أتبع أهواءكم في عبادة غير الله تعالى الموروثة لكم عن آبائكم الضلال مثلكم إني إن فعلت أكون قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين إلى سبل الفوز والفلاح.

السابقالتالي
2