الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَمِنَ ٱلأَنْعَٰمِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } * { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّٰكُمُ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ }

شرح الكلمات:

أنشأ جنات: خلق جنات جمع جنة وهي البستان.

معروشات: ما يعمل له العريش. من العنب، وما لا يعرش له من سائر الأشجار.

مختلفاً أكله: أي ثمره الذي يأكله منه.

متشابهاً: في الورق وغير متشابه في الحب والطعم.

حقه: ما وجب فيه من الزكاة.

يوم حصاده: يوم حصاده إن كان حباً وجذاذه إن كان نخلاً.

ولا تسرفوا في إخراجه: أي بأن لا تبقوا لعيالكم منه شيئاً.

حمولة: الحمولة ما يحمل عليها من الإِبل.

وفرشا: الفرش الصغار من الحيوان.

خطوات الشيطان: مسالكه في التحريم والتحليل للإِضلال والغواية.

أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين: أنثى الضأن وأنثى الماعز ذكراً كان أو أنثى.

نبئوني بعلم: خبروني بأيهما حرم بعلم صحيح لا بوسواس الشياطين.

أم كنتم شهداء: أي حاضرين وقت تحريمه تعالى ذلك عليكم إن كان قد حرمه كما تزعمون.

معنى الآيات:

لما توعد الحق تبارك وتعالى المفترين عليه حيث حرموا وحللوا ما شاءوا ونسبوا ذلك إليه إفتراء عليه تعالى، وما فعلوه ذلك إلا لجهلهم بالله تعالى وعدم معرفتهم بعلمه وقدرته وإلا لما اتخذوا له أنداداً من الأحجار وقالوا: شركاؤنا، وشفعاؤنا عند الله. ذكر تعالى في هذه الآيات الأربع مظاهر قدرته وعلمه وحكمته وأمره ونهيه وحجاجه في إبطال تحريم المشركين ما أحل الله لعباده فقال تعالى: { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ } أي بساتين وحدائق من العنب معروشات أي محمول شجرها على العروش التي توضع للعنب ليرتفع فوقها وغَير معروشات أي غير معرش لها، وأنشأ النخل والزرع مختلفاً ثمره وطعمه، وأنشأ الزيتون والرمان متشابهاً في الورق، وغير متشابه في الحب والطعم أيضاً. وأذن تعالى في أكله وأباحه وهو مالكه وخالقه فقال: { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ } أي نضج بعض النضج وأمر بإخراج الواجب فيه وهو الزكاة فقال { وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } أي بعد درسه وتصفيته إذ لا يعطى السنبل، ونهى عن الإِسراف وهو تجاوز الحد في إخراج الزكاة غلو حتى لا يبقوا لمن يعولون ما يكفيهم، فقال: { وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } وأنشأ من الأنعام: الإِبل والبقر والغنم { حَمُولَةً } وهي ما يحمل عليها لكبرها { وَفَرْشاً } وهي الصغار التي لا يحمل عليها، وأذن مرة أخرى في الأكل مما رزقهم سبحانه وتعالى من الحبوب والثمار واللحوم وشرب الألبان، فقال: { كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ } ونهى عن اتباع مسالك الشيطان في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم فقال: { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيْطَٰنِ } وعلل للنهي فقال: { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ومَن عرف عدوه اتقاه ولو بالبعد عنه، وأنشأ { ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ مَّنَ ٱلضَّأْنِ ٱثْنَيْنِ } وهما الكبش والنعجة، { وَمِنَ ٱلْمَعْزِ ٱثْنَيْنِ } وهما التيس والعنزة، وأمر رسوله أن يحاج المفترين في التحريم والتحليل فقال له { قُلْ } يا رسولنا لهم { ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ } الله عليكم { أَمِ ٱلأُنثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنثَيَيْنِ } أي النعجة والعنزة { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَٰدِقِينَ } فإن قلتم حرم الذكرين فلازم ذلك جميع الذكور حرام، وإن قلتم حرم الأنثيين فلازمه أن جميع الإِناث حرام وإن قلتم حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين فكل ما ولد منهما حرام ذكراً كان أو أنثى فكيف إذا حرمتم البعض وحللتم البعض فبأي علم أخذتم نبوئوني به إن كنتم صادقين قوله تعالى { وَمِنَ ٱلإِبْلِ ٱثْنَيْنِ } وهما الناقة والجمل، { وَمِنَ ٱلْبَقَرِ ٱثْنَيْنِ } وهما الثور والبقرة { قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ ٱلأُنْثَيَيْنِ أَمَّا ٱشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ ٱلأُنْثَيَيْنِ } ، فهل حرم الذكرين أو الأنثيين هذه الأزواج الأربعة فإن حرم الذكرين فسائر الذكور محرمة، وإن حرم الأنثيين فسائر الإِناث محرمة، أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين وحينئذ يكون كل مولود منهما محرماً ذكراً كان أو أنثى، وبهذا تبين أنكم كاذبون على الله مفترون فالله تعالى لم يحرم من هذه الأزواج الثمانية شيئاً، وإنما حرم الميتة، وما لم يذكر اسم الله عليه.

السابقالتالي
2