الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } * { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } * { وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ }

شرح الكلمات:

الملائكة: أجسام نورانية يعمرون السماوات عباد مكرمون لا يعصون الله تعالى ويفعلون ما يؤمرون لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة.

الموتى: جمع ميت: من فارقته الحياة أي خرجت منه روحه.

حشرنا: جمعنا.

قبلا: معاينة.

يجهلون: عظمة الله وقدرته وتدبيره وحكمته.

شياطين: جمع شيطان: وهو من خبث وتمرد من الجن والإِنس.

يوحي بعضهم: يعلم بطريق سريع خفي بعضهم بعضاً.

زخرف القول: الكذب المحسن والمزين.

غروراً: للتغرير بالإِنسان.

يفترون: يكذبون.

ولتصغى إليه: تميل إليه.

وليقترفوا: وليرتكبوا الذنوب والمعاصي.

معنى الآيات:

ما زال السياق في أولئك العادلين بربهم المطالبين بالآيات الكونية ليؤمنوا إذا شاهدوها فأخبر تعالى في هذه الآيات أنه لو نزل إليهم الملائكة من السماء، وأحيى لهم الموتى فكلموهم وقالوا لهم لا إله إلا الله محمد رسول الله، وحشر عليهم كل شيء أمامهم يعاينونه معاينة أو تأتيهم المخلوقات قبيلاً بعد قبيل وهم يشاهدونهم ويقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ما كانوا ليؤمنوا بك ويصدقوك ويؤمنوا بما جئت به إلا أن يشاء الله ذلك منهم. ولكن أكثر أولئك العادلين بربهم الأصنام والأوثان يجهلون أن الهداية بيد الله تعالى وليست بأيديهم كما يزعمون وأنهم لو رأوا الآيات آمنوا.

هذا ما دلت عليه الآية [111] أما الآية الثانية [112] فإن الله تعالى يقول وكما كان لك يا رسولنا من هؤلاء العادلين أعداء يجادلونك ويحاربونك جعلنا لكل نبي أرسلناه أعداء يجادلونه ويحاربونه (شياطين الإِنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول) أي القول المزين بالباطل المحسن بالكذب { غُرُوراً } أي للتغرير والتضليل، { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ } أيها الرسول عدم فعل ذلك الإِيحاء والوسواس { مَا فَعَلُوهُ } إذاً { فَذَرْهُمْ } أي اتركهم { وَمَا يَفْتَرُونَ } من الكفر والكذب والباطل.

هذا ما دلت عيه الآية الثانية أما الآية الثالثة [113] وهي قوله تعالى: { وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ } هذه الآية بجملها الأربع معطوفة على قوله { زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } إذ إيحاء شياطين الجن والإِنس كان للغرور أي ليغتر به المشركون، { وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ } أي تميل { أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } وهم المشركون العادلون بربهم { وَلِيَرْضَوْهُ } ويقتنعوا به لأنه مموه لهم مزين، ونتيجة لذلك التغرير والميل إليه وهو باطل والرضا به والاقناع بفائدته فهم يقترفون من أنواع الكفر وضروب الشرك والمعاصي والإِجرام ما يقترفون!.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن أبداً، وبهذا تقررت ربوبيته وألوهيته للأولين والآخرين.

2- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم وكل داع إلى الله تعالى بإعلامه أنه ما من نبي ولا داع إلا وله أعداء من الجن والإِنس يحاربونه حتى ينصره الله عليهم.

3- التحذير من التمويه والتغرير فإن أمضى سلاح للشياطين هو التزيين والتغرير.

4- القلوب الفارغة من الإِيمان بالله ووعده وعيده في الدار الآخرة أكثر القلوب ميلاً إلى الباطل والشر والفساد.