الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ }

شرح الكلمات:

ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى: أي المسارة الكلامية والمنهيون هم اليهود والمنافقون.

ثم يعودون لما نهوا: أي من التناجي تعمداً لأذية المؤمنين بالمدينة.

ويتناجون بالإِثم والعدوان: أي بما هو إثم في نفسه، وعداوة الرسول والمؤمنين.

ومعصية الرسول: أي يتناجون فيوصي بعضهم بعضاً بمعصية الرسول وعدم طاعته.

وإذا جاءوك حيوك: أي جاءوك أيها النبي حيوك بقولهم السام عليك.

بما لم يحيك به الله: أي حيوك بلفظ السام عليك، وهذا لم يحيي الله به رسوله بل حياه بلفظ السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

ويقولون في أنفسهم: أي سراً فيما بينهم.

لولا يعذبنا الله بما نقول: أي هلا يعذبنا الله بما نقول له، فلو كان نبياً لعاجلنا الله بالعقوبة.

حسبهم جهنم يصلونها: أي يكفيهم عذاب جهنم يصلونها فبئس المصير لهم.

فلا تتناجوا بالإِثم والعدوان: أي فلا يناج بعضكم بما هو إثم ولا بما هو عدوان وظلم ولا بما هو معصية للرسول.

وتناجوا بالبر والتقوى: أي وتناجوا إن أردتم ذلك بالبر أي الخير والتقوى وهي طاعة الله والرسول.

إنما النجوى من الشيطان: أي إنما النجوى بالإِثم والعدوان من الشيطان أي بتغريره.

ليحزن الذين آمنوا: أي ليوهمهم أنها بسبب شيء وقع مما يؤذيهم.

وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله: ألا وليس التناجي بضار المؤمنين شيئاً إلا بإرادة الله تعالى.

وعلى الله فليتوكل المؤمنون: أي وعلى الله لا على غيره يجب أن يتوكل المؤمنون.

معنى الآيات:

قوله تعالى { أَلَمْ تَرَ } الآية.. هذه نزلت في يهود المدينة والمنافقين فيها. إذ كانوا يتناجون أي يتحدثون سرّاً على مرأىً من المؤمنين، والوقت وقت حرب فيوهمون المؤمنين إن عدواً قد عزم على غزوهم، أو أن سرية هزمت أو أن مؤامرة تحاك ضدهم فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التناجي، وقال " لا يتناج اثنان دون ثالث " وأبوا إلا أن يتناجوا فأنزل الله تعالى هذه الآية يعجب رسوله منهم ويوعدهم بعد فضحهم وكشف الستار عن كيدهم للمؤمنين ومكرهم بهم فقال تعالى لرسول ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى وهي التناجى المحادثة السرية أمام الناس، ثم يعودون لما نهوا عنه عصياناً وتمرداً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتناجون لا بالبر والتقوى، ولكن بالإِثم والعدوان ومعصيت الرسول أي بما هو إثم في نفسه كالغيبة والبذاء في القول، وبالعدوان وهو الاعتداء على المؤمنين وظلمهم، وبمعصية الرسول فيوصي بعضهم بعضاً بعصيان الرسول وعدم طاعته في أمره ونهيه. هذا وشرٌّ منه أنهم إذا جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيَّوه بما لم يحيه به الله فلم يقولوا السلام عليكم ولكن يقولون السام عليكم والسام الموت يلوون بها ألسنتهم، ويأتون الرسول واحداً واحداً ليحيوه بهذه التحية الخبيثة ليدعوا عليه بالموت لعنة الله عليهم ما أكثر أذاهم وما أشد مكرهم وما أنتن خبثهم ويقولون في أنفسهم أي فيما بينهم لو كان محمد نبياً لآخذنا الله بما نقول له من الدعاء عليه بالموت وهذا معنى قوله تعالى عنهم: { وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ } أي هلاَّ عذبنا الله بما نقول لمحمد صلى الله عليه وسلم لو كان نبياً.

السابقالتالي
2