الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَٰهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } * { وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } * { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }

شرح الكلمات:

والسماء بنيناها بأيدٍ: أي وبنينا السماء بقوة ظاهرة في رفع السماء وإحكام البناء.

وإنا لموسعون: أي لقادرون على البناء والتوسعة.

والأرض فرشناها: أي مهّدناها فجعلناها كالمهاد أي الفراش الذي يوضع على المهد.

فنعم الماهدون: أي نحن أثنى الله تعالى على نفسه بفعله الخيريّ الحسن الكبير.

ومن كل شيء خلقنا زوجين: أي وخلقنا من كل شيء صنفين أي ذكراً وأنثى، خيراً وشراً، علوّاً وسفلاً.

لعلكم تذكرون: أي تذكرون أن خالق الأزواج كلها هو إله فرد فلا يعبد معه غيره.

ففروا إلى الله: أي إلى التوبة بطاعته وعدم معصيته.

إني لكم منه نذير مبين: أي إني وأنا رسول الله إليكم منه تعالى نذير مبين بين النذارة أي أخوفكم عذابه.

ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر: أي لا تعبدوا مع الله إلهاً أي معبوداً آخر إذ لا معبود بحق إلا هو.

إني لكم منه نذير مبين: إني لكم منه تعالى نذير بين النذارة أُخوفكم عذابه إن عبدتم معه غيره.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في عرض مظاهر القدرة الإِلهية الموجبة له تعالى الربوبية لكل شيء والألوهية على كل عباده. فقال تعالى: { وَٱلسَّمَآءَ بَنَيْنَٰهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } فهذا أكبر مظهر من مظاهر القدرة الإِلهية إنه بناء السماء وإحكام ذلك البناء وارتفاعه وما تعلق به من كواكب ونجوم وشمس وقمر تمَّ هذا الخلق بقوة الله التي لا توازيها قوة. وقوله { وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } أي لقادرون على توسعته أكثر مما هو عليه، وذلك لسعة قدرتنا.

ومظهر ثانٍ هو في قوله: { وَٱلأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ ٱلْمَاهِدُونَ } والأرض فرشها بساطاً ومهدها مهاداً فنعم الماهدون نحن نعم الماهد الله تعالى لها إذ غيره لا يقدر على ذلك ولا يتأتى له، وثالث مظاهر القدرة في قوله: { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } فهذا لفظ عام يعم سائر المخلوقات وأنها كلها أزواج وليس فيها فرد قط. والذوات كالصفات فالسماء يقابلها الأرض، والحر يقابله البرد، والذكر يقابله الأنثى، والبر يقابله البحر، والخير يقابله الشر، والمعروف يقابله المنكر، فهي أزواج بمعنى أصناف كما أن سائر الحيوانات هي أزواج من ذكر وأنثى. وقوله { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي خلقنا من كل شيء زوجين رجاء أن تذكروا فتعلموا أن خالق هذه الأزواج هو الله الفرد الصمد الواحد الأحد لا إله غيره ولا رب سواه فتعبدوه وحده ولا تشركوا به سواه من سائر خلقه.

وقوله تعالى { فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي بعد أن تبين لكم أيها الناس أنه لا إله غير الله ففروا إليه تعالى إي بالإِيمان به وبطاعته وبفعل فرائضه وترك نواهيه اهربوا إلى الله يا عباد الله بالإِسلام إليه والانقياد لطاعته إني لكم منه تعالى نذير من عقاب شديد، ونذارتي بينة لا شك فيها وأنصح لكم أن لا تجعلوا مع الله إلهاً آخر أي معبوداً غيره تعالى تعبدونه إن الشرك به يحبط أعمالكم ويحرم عليكم الجنة فلا تدخلوها أبداً واعلموا أني لكم منه عز جل نذير مبين.

السابقالتالي
2