الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } * { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } * { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } * { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ }

شرح الكلمات:

ولقد خلقنا الإِنسان: أي خلقناه بقدرتنا وعلمنا لحكمة اقتضت خلقه فلم نخلقه عبثا.

ونعلم ما توسوس به نفسه: أي ونعلم ما تحدث به نفسه أي نعلم ما في نفسه من خواطر وإرادات.

ونحن أقرب إليه من حبل الوريد: أي نحن بقدرتنا على الأخذ منه والعطاء والعلم بما يُسر ويُظهر أقرب إليه من حبل الوريد الذي هو في حلقه.

إذ يتلقى المتلقيان: أي نحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عمله فيكتبانه.

عن اليمين وعن الشمال قعيد: أي أحدهما عن يمينه قعيد والثاني عن شماله قعيد أيضا.

ما يلفظ من قول: أي ما يقول من قول.

إلا لديه رقيب عتيد: أي إلا عنده ملك رقيب حافظ عتيد حاضر معد للكتابة.

وجاءت سكرة الموت بالحق: أي غمرة الموت وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر لها عيانا.

ذلك ما كنت منه تحيد: أي ذلك الموت الذي كنت تهرب منه وتفزع.

ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد: أي ونفخ إسرافيل في الصور الذي هو القرن ذلك يوم الوعيد للكفار بالعذاب.

معها سائق وشهيد: أي معها سائق يسوقها إلى المحشر وشهيد يشهد عليها.

لقد كنت في غفلة من هذا: أي من هذا العذاب النازل بك الآن.

فكشفنا عنك غطاءك: أي أزلنا عنك غفلتك بما تشاهده اليوم.

فبصرك اليوم حديد: أي حاد تدرك به ما كنت تنكره في الدنيا من البعث الجزاء.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء فقال تعالى { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ } حسب سنتنا في الخلق خلقناه بقدرتنا وعلمناه لحكمة اقتضت خلقه منا ولم نخلقه عبثا ونحن نعلم ما توسوس به نفسه أي ما تتحدث به نفسه من إرادات أو خواطر، ونحن أي ربّ العزة والجلال أقرب إليه من حبل الوريد فلو أردنا أن نأخذ منه أو نعطيه أو نسمع منه أو نعلم به لكنا على ذلك قادرين وقربنا في ذلك منه أقرب من حبل عنقه إلى نفسه وذلك في الوقت الذي يتلقى فيه الملكان المتلقيان سائر أقواله وأعماله يثبتانها ويحفظانها وقوله عن اليمين وعن الشمال قعيد أي أحد الملكين وهما المتلقيان عن يمينه قاعد والثاني عن شماله قاعد هذا يكتب الحسنات وذاك يكتب السيئات.

ولفظ قعيد معناه قاعد كجليس بمعنى مجالس أو جالس، وقوله تعالى { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ } أي ما يقول الإِنسان إلا لديه رقيب عتيد أي إلا عنده ملك رقيب حافظ، وعتيد حاضر لا يفارقانه مدى الحياة إلا أنهما يتناوبان ملكان بالنهار، وملكان بالليل ويجتمعون في صلاتي الصبح والعصر وقوله تعالى { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } أي وإن طال العمر فلا بد من الموت وها هي ذي قد جاءت سكرة الموت أي غمرته وشدته بالحق من أمر الآخرة حتى يراه المنكر للبعث والدار الآخرة المكذب به يراه عياناً.

السابقالتالي
2