الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَٰهُمْ جَنَّٰتِ ٱلنَّعِيمِ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيهِمْ مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَآءَ مَا يَعْمَلُونَ }

شرح الكلمات:

يد الله مغلولة: يريدون أنه تعالى ضيق عليهم الرزق ولم يوسع عليهم.

غلت أيديهم: دعاء عليهم بأن يحرموا الإِنفاق في الخير وفيما ينفعهم.

لعنوا بما قالوا: طردوا من رحمة الله بسبب وصفهم الرب تعالى بالبخل.

بل يداه مبسوطتان: لا كما قالوا لعنهم الله: يد الله مغلولة أي ممسكة عن الإِنفاق.

طغياناً: تجاوزاً لحد الإعتدال في قولهم الكاذب وعملهم الفاسد.

وألقينا بينهم: أي بين اليهود والنصارى.

أوقدوا ناراً: أي نار الفتنة والتحريش والإِغراء والعداوات للحرب.

ولو أن أهل الكتاب: اليهود والنصارى.

من فوقهم ومن تحت أرجلهم: كناية عن بسط الرزق عليهم.

أمة مقتصدة: معتدلة لا غالية مفرطة، ولا جافية مفرطة.

معنى الآيات:

يخبر تعالى عن كفر اليهود وجرأتهم على الله تعالى بباطل القول وسيء العمل فيقول: { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ } يريدون أنه تعالى أمسك عنهم الرزق وضيقه عليهم، فرد الله تعالى عليهم بقوله: { غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ } وهو دعاء عليهم بأن لا يوفقوا للإِنفاق فيما ينفعهم { وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ }. ولعنهم تعالى ولعنهم كل صالح في الأرض والسماء بسبب قولهم الخبيث الفاسد. وأكذبهم تعالى في قولهم { يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ } فقال: { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ } كما قال عنه رسوله في الصحيح " يمين الله سَحَّاء تنفق الليل والنهار " ثم أخبر تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ليسليه ويخفف عنه ما يجد في نفسه من جراء كفر اليهود وخبثهم فقال: { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم } أي من اليهود { مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } من الآيات التي تبين خبثهم وتكشف النقاب عن سوء أفعالهم المخزية لهم. { طُغْيَاناً وَكُفْراً } أي إبعاداً في الظلم والشر وكفراً بتكذيبك وتكذيب ما أنزل إليك وذلك دفعاً للحق ليبرروا باطلهم وما هم عليه من الاعتقاد الفاسد والعمل السيء، ثم أخبر تعالى رسوله بتدبيره فيهم انتقاماً منهم فقال عز من قائل: { وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } أي أن العداوة بين اليهود والنصارى لا تنتهي إلى يوم القيامة، ثم أخبر عن اليهود أنهم { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ } وذلك بالتحريش بين الأفراد والجماعات وحتى الشعوب والأمم، وبالإِغراء، وقالة السوء، { أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ } تعالى فلم يفلحوا فيما أرادوه وقد أذلهم الله على يد رسوله والمؤمنين وأخزاهم وعن دار الإِيمان أجلاهم وأخبر تعالى أنهم يسعون دائماً وأبداً في الأرض بالفساد فلذا أبغضهم الله وغضب عليهم، لأنه تعالى لا يحب المفسدين، هذا ما دلت عليه الآية الأولى [64] أما الآية الثانية [65] وهي قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ } من يهود ونصارى { ءَامَنُواْ } بالله ورسوله وبما جاء من الدين الحق وعملوا به، { وَٱتَّقَوْاْ } الكفر والشرك وكبائر الذنوب الفواحش، لكفر الله عنهم سيئآتهم فلم يؤاخذهم ولم يفضحهم بها ولأدخلهم جنات النعيم.

السابقالتالي
2