الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ } * { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ }

شرح الكلمات:

آمنوا: صدقوا بالله ورسوله ووعد الله ووعيده.

أولياء: لكم توالونهم بالنصرة والمحبة.

بعضهم أولياء بعض: أي اليهود ولي أخيه اليهودي، والنصراني ولي أخيه النصراني.

الظالمين: الذين يوالون أعداء الله ورسوله ويتركون موالاة الله ورسوله والمؤمنين.

مرض: نفاق وشك وشرك.

يسارعون فيهم: أي في البقاء على موالاتهم أي موالاة اليهود والنصارى.

دائرة: تدور علينا من جدب، أو انتهاء أمر الإِسلام.

بالفتح: نصر المؤمنين على الكافرين والقضاء لهم بذلك كفتح مكة.

جهد أيمانهم: أقصاها وأبلغها.

حبطت أعمالهم: بطلت وفسدت فلم ينتفعوا منها بشيء لأنها ما كانت لله تعالى.

معنى الآيات:

ورد في سبب نزول هذه الآية أن عبادة بن الصامت الأنصاري، وعبد الله بن أبي كان لكل منهما حلفاء من يهود المدينة، ولما انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون في بدر اغتاظ اليهود وأعلنوا سوء نياتهم فتبرأ عبادة بن الصامت من حلفائه ورضي بموالاة الله ورسوله والمؤمنين وأبى ابن أبي ذلك وقال بعض ما جاء في هذه الآيات فأنزل الله تعالى قوله: { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ } أي لكم من دون المؤمنين وقوله تعالى { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } تعليل لتحريم موالاتهم، لأن اليهودي ولي لليهودي والنصراني ولي للنصراني على المسلمين فكيف تجوز إذاً موالاتهم، وكيف يصدقون أيضاً فيها فهل من المعقول أن يحبك النصراني ويكره أخاه، وهل ينصرك على أخيه؟ وقوله تعالى: { وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ } أي أيها المؤمنين { فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } ، لأنه بحكم موالاتهم سيكون حرباً على الله ورسوله والمؤمنين وبذلك يصبح منهم قطعاً وقوله: { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } جملة تعليلية تفيد أن من والى اليهود والنصارى من المؤمنين أصبح مثلهم فيحرم هداية الله تعالى لأن الله لا يهدي القوم الظالمين، والظلم وضع الشيء في غير محله وهذا الموالي لليهود والنصارى قد ظلم بوضع الموالاة في غير محلها حيث عادى لله ورسوله والمؤمنين ووالى اليهود والنصارى أعداء الله ورسوله والمؤمنين. هذا ما دلت عليه الآية الأولى أما الآية الثانية [52] فقد تضمنت بعض ما قال ابن أبي مبرراً به موقفه المخزي وهو الإِبقاء على موالاته لليهود إذ قال تعالى لرسوله وهو يخبره بحالهم: { فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } كابن أبي والمرض مرض النفاق { يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } أي في موالاتهم ولم يقل يسارعون إليهم لأنهم ما خرجوا من دائرة موالاتهم حتى يعودوا إليها بل هم في داخلها يسارعون، يقولون كالمعتذرين { نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ } من تقلب الأحوال فنجد أنفسنا مع أحلافنا ننتفع بهم. وقوله تعالى: { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } وعسى من الله تفيد تحقيق الوقوع فهي بشرى لرسول الله والمؤمنين بقرب النصرب والفتح { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ } أي أولئك الموالون لليهود { عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ } من النفاق وبغض المؤمنين وحب الكافرين { نَادِمِينَ } حيث لا ينفعهم ندم.

السابقالتالي
2