الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ ٱلْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْمُحْصَنَـٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِيۤ أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ }

شرح الكلمات:

الطيبات: ما أذن الله تعالى في أكله وأباحه لعباده المؤمنين.

الجوارح: جمع جارحة بمعنى كاسبة تجرح بمعنى تكسب.

مكلبين: أي مرسلين الجارحة على الصيد السواء كانت الجارحة كلباً أو طيراً.

طعام الذين أوتوا الكتاب: ذبائح اليهود والنصارى.

المحصنات: جمع محصنة وهي العفيفة الحرة من النساء.

أجورهن: مهورهن وصدقاتهن.

غير مسافحين: غير مجاهرين بالزنى.

أخدان: جمع خدن وهو الخليل والصاحب السريّ.

ومن يكفر بالإيمان: أي يرتد عن الإِيمان فالباء بمعنى عن إذ يقال ارتد عن كذا...

حبط عمله: بطل كل ما قدمه من الصالحات فلا يثاب عليه.

معنى الآيتين:

ورد أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أن يدخل لوجود كلب صغير في البيت فقال: (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب) فأمر النبي بعدها بقتل الكلاب فقتلت ثم جاء بعضهم يسأل عما يحل لهم من أمة الكلاب فأنزل الله تعالى هذه الآية: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ } وهي كل ما لذ وطاب مما أباحه الله تعالى ولم ينه عنه، وأحل لكم كذلك صيد ما علمتم من الجوارح وهي الكلاب الخاصة بالاصطياد والفهود والنمور والطيور كالصقور ونحوها. مكلبين أي مرسلين لها على الصيد لتمسكه لكم، { تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ ٱللَّهُ }. أي تؤدبون تلك الجوارح بالأدب الذي أدبكم الله تعالى به، وحد الجارحة المؤدبة أنها إذا اشليت أي أرسلت على الصيد ذهبت إليه وإذا زُجرت انزجرت وإذا دعيت أجابت. وقوله تعالى: { فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ } يفيد شرطين لحلية الصيد زيادة على كون الجارحة معلمة وهما أولاً أن يذكر اسم الله عند إرساله الجارحة بأن يقول: بسم الله هاته مثلا، والثاني أن لا تأكل الجارحة منه فإن أكلت منه فقد أمسكت لنفسها ولم تمسك لمن أرسلها، اللهم إلا إذا أدركت حية لم تمت ثم ذكيت فعند ذلك تحل بالتذكية لا بالإصطياد، وقوله تعالى: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } وعيد لمن لم يتق الله في أكل ما حرم أكله من الميتة وأنواعها، ومن صيد صاده غير معلّم من الجوارح، أو صاده معلم ولكنه أكل منه فمات قبل التذكية. فلتتق عقوبة الله في ذلك فإن الله سريع الحساب.

هذا ما دلت عليه الآية الأولى [4] أما الآية الثانية [5] وهي قوله تعالى: { ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيّبَـٰتُ } أي في هذا اليوم الذي أكمل الله تعالى لكم فيه الدين أحل لكم ما سألتم عنه وهو سائر الطيبات وكذا طعام الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وهم اليهود والنصارى خاصة فطعامهم أي ذبائحهم حل لكم، وطعامكم حل لهم أي لا بأس أن تطعموهم من طعامكم فإن ذلك جائز لكم ولهم.

السابقالتالي
2