الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآءُوكَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } * { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ }

شرح الكلمات:

لا يحزنك: الحزن ألم نفس يسببه خوف فوات محبوب.

يسارعون في الكفر: بمعنى يسرعون فيه إذ ما خرجوا منه كلما سنحت فرصة للكفر أظهروه.

قالوا آمنا بأفواههم: هؤلاء هم المنافقون.

ومن الذين هادوا: أي اليهود.

سماعون للكذب: أي كثيروا الاستماع للكذب.

يحرفون الكلم: يبدلون الكلام ويغيرونه ليوافق أهواءهم.

إذا أوتيتم هذا: أي أعطيتم.

فتنته: أي ضلاله لما سبق له من موجبات الضلال.

أن يطهر قلوبهم: من الكفر والنفاق.

خزي: ذل.

أكالون للسحت: كثيروا الأكل للحرام كالرشوة والربا.

أو أعرض عنهم: أي لا تحكم بينهم.

بالقسط: أي بالعدل.

وما أولئك بالمؤمنين: أي صدقاً وحقاً وإن ادعوه نطقاً.

معنى الآيات:

قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ.. } إلى قوله {.. عَذَابٌ عَظِيمٌ } في نهاية الآية نزل تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتخفيفاً مما كان يجده صلى الله عليه وسلم من ألم نفسي من جراء ما يسمع ويرى من المنافقين واليهود فناداه ربه تعالى بعنوان الرسالة التي كذب بها المنافقون واليهود معاً: { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ } الحق، لينهاه عن الحزن الذي يضاعف ألمه: { لاَ يَحْزُنكَ } حال الذين { يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } بتكذيبك فإنه ما خرجوا من الكفر بل هم فيه منغمسون فإذا سمعت منهم قول الكفر لا تحفل به حتى لا يسبب لك حزناً في نفسك. { مِنَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } أي لا يحزنك كذلك حال اليهود الذين يكذبون بنبؤتك ويجحدون رسالتك، { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ } سماعون ليهود آخرين لم يأتوك كيهود خيبر وفدك أي كثيروا السمع للكذب الذي يقوله أحبارهم لما فيه من الإساءة إليك سماعون لأهل قوم آخرين ينقلوبن إليهم أخبارك كوسائط وهم لم يأتوك وهم يهود خيبر إذ أوعزوا إليهم أن يسألوا لهم النبي صلى الله عليه وسلم عن حد الزنى { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ } ، أي يغيرون حكم الله الذي تضمنه الكلام، يقولون لهم إن أفتاكم في الزانين المحصنين بالجلد والتحميم بالفحم فاقبلوا ذلك وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا قبول ذلك. هذا معنى قوله تعالى في هذه الآية { يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَٱحْذَرُواْ } وقال تعالى لرسوله، { وَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ فِتْنَتَهُ } إي إضلاله عن الحق لما اقترف من عظائم الذنوب وكبائر الآثام { فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } إذا أراد الله إضلاله إذاً فلا يحزنك مسارعتهم في الكفر، { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } من الحسد والشرك والنفاق لسوابق الشر التي كانت لهم فحالت دون قبول الإِيمان والحق، { لَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } أي ذل وعار، { وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } جزاء كفرهم وبغيهم.

السابقالتالي
2