الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

شرح الكلمات:

الميتة: ما مات من بهيمة الأنعام حتف أنفه أي بدون تذكية.

وما أهل لغير الله به: أي ما ذكر عليه إسم غير إسم الله تعالى مثل المسيح، أو الولي، أو صنم.

المنخنقة: أي بحبل ونحوه فماتت.

الموقوذة: أي المضروبة بعصا أو حجر فماتت به.

المترديّة: الساقطة من عال إلى أسفل مثل السطح والجدار والجبل فماتت.

النطيحة: ما ماتت بسبب نطح أختها لها بقرونها أو رأسها.

وما أكل السبع: أي ما أكلها الذئب وغيره من الحيوانات المفترسة.

إلا ما ذكيتم: أي أدركتم فيه الروح مستقرة فذكيتموه بذبحة أو نحره.

وما ذبح على النصب: أي ما ذبح على الأصنام التي تمثل إلهاً أو زعيماً أو عظيماً، ومثلها ما ذبح على أضرحة الأولياء وقبورهم وعلى الجان.

وأن تستقسموا: أي وحرم عليكم ما تحصلون عليه بالاستقسام بالأزلام ومثله ما يأخذه صاحب الكهانة والشواقة وقرعة الأنياء. والحروز الباطلة التي فيها طلاسم وأسماء الجن والعفاريت.

ذلكم فسق: أي ما ذكر من أكل الميتة إلى الاستقسام بالأزلام خروج عن طاعة الله تعالى ومعصية له سبحانه وتعالى.

فمن اضطر: أي من ألجأته ضرورة الجوع فخاف على نفسه الموت فلا بأس أن يأكل مما ذكر.

في مخمصة: المخمصة شدة الجوع حتى يضمر البطن لقلة الغذاء به.

غير متجانف: غير مائل لإِثم يريد غير راغب في المعصية بأكل ما أكل من الميتة وذلك بأن يأكل أكثر مما يسد به رمقه ويدفع به غائلة الجوع المهلك.

معنى الآية الكريمة:

هذه الآية الكريمة هي تفسير وتفصيل لقوله تعالى في الآية الأولى من هذه السورة وهو قوله: { إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } حيث ذكر في هذه الآية سائر المحرمات من اللحوم وهي عشر كما يلي:

الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، والمنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، وما ذبح على النصب.

وقوله تعالى: { إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } يريد ما أدركتم فيه الروح مستقرة. بحيث إذا ذبحتموه اضطرب للذبح وركض برجليه فإن هذا علامة أنه كان حياً وأنه مات بالذبح.

وقوله { وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ } يريد ولا يحل لكم الاستسقام بالأزلام، ولا أكل ما يعطى عليها وحقيقتها أنهم كانوا في الجاهلية يضعون القداح المعبر عنها بالأزلام جمع زلم وهو رمح صغير لا زج له ولا ريش فيه، يضعونها في خريطة كالكيس، وقد كتب على واحد أمرني ربي وآخر نهاني ثم يجيلها المستقسم بها في الخريطة ويخرج زلماً منهاً فإن وجده مكتوباً عليه أمرني ربي مضى في عمله سفراً أو زواجاً، أو بيعاً أو شراء، وإن وجده مكتوباً عليه نهاني ربي ترك ما عزم على فعله فجاء الإِسلام فحرم الاستسقام بالأزلام، وسنَّ الاستخارة وهي أن يصلي المؤمن ركعتين من غير الفريضة ويقول: اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي وعاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، ويسمي حاجته.

السابقالتالي
2 3