الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

شرح الكلمات:

قالت الأعراب آمنا: هم نفر من بني أسد قدموا على الرسول وقالوا له آمنا وهم غير مؤمنين.

قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا: أي قل لهم إنكم ما آمنتم بعد ولكن قولوا أسلمنا أي استسلمنا وانقدنا.

ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم: أي ولما يدخل الإِيمان بعد في قلوبكم ولكنه يتوقع له الدخول.

وإن تطيعوا الله ورسوله: أي في الإِيمان والقيام بالفرائض واجتناب المحارم.

لا يلتكم من أعمالكم شيئا: أي لا ينقصكم من ثواب أعمالكم شيئا.

إن الله غفور رحيم: أي غفور للمؤمنين رحيم بهم إن هم صدقوا في إيمانهم.

إنما المؤمنون: أي حقا وصدقا لا ادعاء ونطقا هم.

الذين آمنوا بالله ورسوله: أي بالله ربا وإلها وبالرسول محمد نبيا ورسولا.

ثم لم يرتابوا: أي لم يشكوا فيما آمنوا به.

وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله: أي جاهدوا مع رسول الله أعداء الله وهم الكافرون بأموالهم وأنفسهم.

أولئك هم الصادقون: أي في إيمانهم لا الذين قالوا آمنا بألسنتهم واستسلموا ظاهراً ولم يسلموا باطناً.

قل أتعلمون الله بدينكم: أي قل لهم يا رسولنا أي لهؤلاء الأعراب أتشعرون الله بدينكم.

يمنون عليك أن أسلموا: أي كونهم أسلموا بدون قتال وغيرهم أسلم بعدَ قتالٍ.

قل لا تمنوا عليَّ إسلامكم: أي لا حق لكم في ذلك بل الحق لله الذي هداكم للإِيمان إن كنتم صادقين في دعواكم أنكم مؤمنون.

إن الله يعلم غيب السماوات والأرض: أي إن الله يعلم ما غاب في السماوات وما غاب في الأرض فلا يخفى عليه أَمرُ مَن صدقَ في إيمانه وأمرُ مَن كذب، ومن أسلم رغبة ومن أسلم رهبة.

معنى الآيات:

قوله تعالى { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا } هؤلاء جماعة من أعراب بني أسد وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بأولادهم ونسائهم في سنة مجدبة فأظهروا له الإسلام ولم يكونوا مؤمنين في نفوسهم، فكانوا يفدون على الرسول صلى الله عليه وسلم ويروحون ويقولون: أتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها، ونحن قد جئناك بالأطفال والعيال والذراري ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، يمنون على رسول الله وهم يريدون الصدقة ويقولون أعطنا فأنزل الله تعالى هذه الآية تربية لهم وتعليما إتماما لما اشتملت عليه سورة الحجرات من أنواع الهداية والتربية الإِسلامية فقال تعالى { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ } أعراب بني أسد آمنا أي صدَّقنا بتوحيد الله وبنبوتك. قل لهم ردا عليهم لم تؤمنوا بعد، ولكن الصواب أن تقولوا أسلمنا أي أذعنا للإسلام وانقدنا لقبوله وهو الإِسلام الظاهري، ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم بعد وسيدخل إن شاء الله. وإن تطيعوا الله ورسوله أيها الأعراب في الإِيمان الحق وفي غيره من سائر التكاليف لا يلتكم أي لا ينقصكم الله تعالى من أجور أعمالكم الصالحة التي تعملونها طاعة لله ورسوله شيئا وإن قل.

السابقالتالي
2 3