الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ فَقَاتِلُواْ ٱلَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

شرح الكلمات:

وإن طائفتان من المؤمنين: أي جماعاتان قلَّ أفرادهما أو كثروا من المسلمين.

اقتتلوا فأصحلوا بينهما: أي هموا بالاقتتال أو باشروه فعلا فأصلحوا ما فسد بينهما.

فإن بغت إحداهما على الأخرى: أي تعدت بعد المصالحة بأن رفضت ذلك ولم ترض بحكم الله.

فقاتلوا التي تبغي حتى تفيىء إلى أمر الله: أي قاتلوا أيها المؤمنون مجتمعين الطائفة التي بغت حتى ترجع إلى الحق.

فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل: أي رجعت إلى الحق بعد مقاتلتها فأصلحوا بينهما بالعدل أي بالحق.

وأقسطوا إن الله يحب المقسطين: أي وأعدلوا في حكمكم إن الله يحب أهل العدل.

إنما المؤمنون إخوة: أي في الدين الإِسلامي.

فأصلحوا بين أخويكم: أي إذا تنازعا شيئا وتخاصما فيه.

واتقوا الله لعلكم ترحمون: أي خافوا عقابه رجاء أن ترحموا إن أنتم اتقيتموه.

لا يسخر قوم من قوم: أي لا يزدر قوم منكم قوما آخرين ويحتقرونهم.

عسى أن يكونوا خيرا منهم: أي عند الله تعالى والعبرة بما عند الله لا ما عند الناس.

ولا تلمزوا أنفسكم: أي لا تعيبوا بعضكم بعضا فإنكم كفرد واحد.

ولا تنابزوا بالألقاب: أي لا يدعو بعضكم بعضا بلقب يكرهه نحو يا فاسق يا جاهل.

بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان: أي قبح اسم الفسوق يكون للمرء بعد إيمانه وإسلامه.

ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون: أي من لمز ونبز المؤمنين فأولئك البُعداء هم الظالمون.



اجتنبوا كثيرا من الظن: أي التهم التي ليس لها ما يوجبها من الأسباب والقرائن.

إن بعض الظن إثم: أي كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين.

ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا: أي لا تتبعوا عورات المسلمين وما بهم بالبحث عنها.

أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا: أي لا يحسن به حب أكل لحم أخيه ميتا ولا حيا معا.

فكرهتموه: أي وقد عرض عليكم الأول فكرهتموه فاكرهوا أي كما كرهتم أكل لحمه ميتا فاكرهوه حيا وهو الغيبة.

وجعلناكم شعوبا وقبائل: أي جمع شعب والقبيلة دون الشعب.

لتعارفوا: أي ليعرف بعضكم بعضا فتعارفوا لا للتفاخر بعلو الأنساب.

إن أكرمكم عند الله أتقاكم: أي أشدكم تقوى لله بفعل أوامره وترك نواهيه هو أكرم عند الله.

إن الله عليم خبير: أي عليم بكم وبأحوالكم خبير بما تكونون عليه من كمال ونقص لا يخفى عليه شيء من أشياء العباد.

معنى الآيات:

قوله تعالى { وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } الآيات ما زال السياق الكريم في طلب تأديب المسلمين وتربيتهم وإعدادهم للكمال الدنيوي والأخروي ففي الآيتين [9] و [10] من هذا السياق يرشد الله تعالى المسلمين إلى كيفية علاج مشكلة النزاع المسلح بين المسلمين الذي قد يحدث في المجتمع الإِسلامي بحكم الضعف الإِنساني من الوقت إلى الوقت وهو مما يكاد يكون من ضروريات الحياة البشرية وعوامله كثيرة لا حاجة إلى ذكرها فقال تعالى { وَإِن طَآئِفَتَانِ } أي جماعتان { مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱقْتَتَلُواْ } ولو كان ذلك بين اثنين فقط { فَأَصْلِحُواْ } أيها المسلمون { بَيْنَهُمَا } بالقضاء على أسباب الخلاف وترضية الطرفين بما هو حق وخير وليس هذا بصعب مع وجود قلوب مؤمنة وهداية ربانية وقوله { فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا } أي اعتدت إحدى الطائفتين بعد الصلح { عَلَىٰ ٱلأُخْرَىٰ } بأن رفضت حكم الله الذي قامت المصاحلة بموجبه { فَقَاتِلُواْ } مجتمعين { ٱلَّتِي تَبْغِي } أي تعتدي { حَتَّىٰ تَفِيۤءَ إِلَىٰ أَمْرِ ٱللَّهِ } أي إلى الحق { فَإِن فَآءَتْ } أي أذعنت للحق ورضيت به { فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِٱلْعَدْلِ وَأَقْسِطُوۤاْ } في حكمكم دائما وأبدا { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ } وقوله تعالى في الآية [10] { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يقرر تعالى الأخوة الإِسلامية ويقصر المؤمنين عليها قصرا فليس المؤمنون إلا إخوة لبعضهم بعضا ولذا وجب رَأبُ كلّ صدع وإصلاح كل فساد يظهر بين أفرادهم وعدم التساهل في ذلك { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في ذلك فلا تتوانوا أو تتساهلوا حتى تسفك الدماء المؤمنة ويتصدع بنيان الإِيمان والإِسلام في دياره وقوله { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } فلا يتصدع بنيانكم ولا تتشتت أمتكم وتصبح جماعات وطوائف متعادية يقتل بعضها بعضا.

السابقالتالي
2 3 4