الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

شرح الكلمات:

محمد رسول الله والذين معه: أي أصحابه رضوان الله عليهم.

أشداء على الكفار: أي غلاظ لا يرحمونهم.

رحماء بينهم: أي متعاطفون متوادون كالوالد مع الولد.

تراهم ركعا سجدا: أي تبصرهم ركعاً سجداً أي راكعين ساجدين.

يبتغون فضلا من الله ورضوانا: أي يطلبون بالركوع والسجود ثوابا من ربهم هو الجنة ورضوانا هو رضاه عز وجل.

سيماهم في وجوههم: أي نور وبياض يعرفون به يوم القيامة أنهم سجدوا في الدنيا.

ذلك: أي الوصف المذكور.

مثلهم في التوراة: أي صفتهم في التوراة كتاب موسى عليه السلام.

أخرج شطأه: أي فراخه.

فآزره: أي قواه وأعانه.

فاستغلظ فاستوى: أي غلظ واستوى أي قَوِيَ.

على سوقه: جمع ساق أي على أصوله.

يعجب الزراع: أي زارعيه لحسنه.

ليغيظ بهم الكفار: هذا تعليل أي قواهم وكثرهم ليغيظ بهم الكفار.

معنى الآيات:

لما أخبر تعالى أنه أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله شهادة منه بذلك أخبر أيضا عنه بما يؤكد تلك الشهادة فقال تعالى { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } من أصحابه { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ } أي غلاظ قساة عليهم، وذلك لأمرين الأول أنهم كفروا بالله وعادوه ولم يؤمنوا به ولم يجيبوه، والله يبغضهم لذلك فهم إذاً غلاظ عليهم لذلك والثاني أن الغلظة والشدة قد تكون سببا في هدايتهم لأنهم يتألمون بها، ويرون خلافها مع المسلمين فيسلمون فيرحمون ويفوزون. وقوله تعالى { رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } أي فيما بينهم يتعاطفون يتراحمون فَتَرَى أحدهم يكره أن يمس جسمه أو ثوبه جسم الكافر أو ثوبه، وتراه مع المسلم إذا رآه صافحه وعانقه ولاطفه وأعانه وأظهر له الحب والود. وقوله تعالى { تَرَاهُمْ } أي تبصرهم أيها المخاطب { رُكَّعاً سُجَّداً } أي راكعين ساجدين في صلواتهم { يَبْتَغُونَ } أي يطلبون بصلاتهم بعد إيمانهم وتعاونهم وتحاببهم وتعاطفهم مع بعضهم، يطلبون بذلك { فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً } أي الجنة ورضا الله. وهذا أسمى ما يطلب المؤمن أن يدخله الله الجنة بعد أن ينقذه من النار ويرضى عنه. وقوله { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } أي علامات إيمانهم وصفائهم في وجوههم من أثر السجود إذ يبعثون يوم القيامة غُراً محجلين من آثار الوضوءنُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ } [التحريم: 8] وفي الدنيا عليهم سيما التقوى والصلاح والتواضع واللين والرحمة. وقوله تعالى { ذَلِكَ } أي المذكور { مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ } { وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } أي فراخه { فَآزَرَهُ } أي قواه وأعانه { فَٱسْتَغْلَظَ } أي غلظ { فَٱسْتَوَىٰ } أي قوي { عَلَىٰ سُوقِهِ } جمع ساق ما يحمل السنبلة من أصل لها { يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ } أي الزارعين له وذلك لحسنه وسلامة ثمرته وقوله تعالى { لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ } أي قواهم وكثرهم من أجل أن يغيظ بهم الكفار ولذا ورد عن مالك بن أنس رحمه الله تعالى أن من يغيظه أصحاب رسول الله فهو كافر وقوله { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً } أي لذنوبهم { وَأَجْراً عَظِيماً } هو الجنة.

السابقالتالي
2