الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

شرح الكلمات:

وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا: أي قال منكروا البعث ما الحياة إلا هذه الحياة، وليس وراءها حياة أخرى.

نموت ونحيا: أي يموت بعضنا ويحيا بعضنا بأن يولدوا فيحيوا ويموتوا.

وما يهلكنا إلا الدهر: أي وما يميتنا إلاّ مرور الزمان علينا.

وما لهم بذلك من علم: أي وليس لهم أدنى علم على قولهم لا من وحي وكتاب إلهي ولا من عقل صحيح.

إن هم إلا يظنون: أي ما هم إلا يظنون فقط والظن لا قيمة له ولا يبنى عليه حكم.

وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات: أي وإذا قرئت عليهم الآيات الدالة على البعث والجزاء الأخرى بوضوح.

ما كان حجتهم: أي لم تكن لهم من حجة إلا قولهم.

إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا: إلا قولهم أحيوا لنا آباءنا الذين ماتوا وأتوا بهم إلينا.

إن كنتم صادقين: إن كنتم صادقين فيما تخبروننا به من البعث والجزاء.

قل الله يحييكم ثم يميتكم: أي قل لهم يا رسولنا الله الذي يحييكم حين كنتم نطفاً ميته، ثم يميتكم.

ثم يجمعكم إلى يوم القيامة: أي ثم بعد الموت يجمعكم إلى يوم القيامة للحساب والجزاء.

لا ريب فيه: أي يوم القيامة الذي لا ريب ولا شك في مجيئه في وقته المحدد له.

ولكن أكثر الناس لا يعلمون: أي لا يعلمون لعدم تلقيهم العلم عن الوحي الإلهي لكفرهم بالرسل والكتب.

معنى الآيات:

تقدم في الآيات بيان اعتقاد بعض المشركين في استواء حال المؤمنين والكافرين يوم القيامة وأن الله تعالى أبطل ذلك الاعتقاد منكراً له عليهم، وهنا حكى قول منكري البعث بالكلية ليرد عليهم وفي ذلك دعوة لعامة الناس إلى الإِيمان والعمل الصالح للإِسعاد والكمال في الحياتين ولله الحمد والمنة فقال عز وجل: { وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } أي وقال منكرو البعث والجزاء يوم القيامة ما هناك إلا حياتنا هذه التي نحياها وليس وراءها حياة أخرى، إننا نموت ونحيا أي نموت نحن الأحياء ويحيا أبناؤنا من بعدنا وهكذا تستمر الحياة أبداً يموت الكبار ويحيا الصغار، وما يهلكنا إلا الدهر أي وما يميتنا ويفنينا إلا مرور الزمان وطول الأعمار وهو إلحاد كامل وإنكار للخالق عز وجل وهو تناقص منهم لأنهم إذا سئلوا من خلقهم يقولون الله فينسبون إليه الخلق وهو أصعب ولا ينسبوا إليه الإِماته وهي أهون من الخلق فرد تعالى عليهم مذهبهم " الدهرى " بقوله: { وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } أي ليس لهم على معتقدهم هذا أدنى علم نقلياً كان ولا عقليا أي لم يتلقوه عن وحي أوحاه الله إلى من شاء من عباده ولا عن عقل سليم راجح لا ينقض حكمه كالواحد مع الواحد اثنان والأبيض خلاف الأسود وما إلى ذلك من القضايا العقلية التي لا ترد فهؤلاء الدهريون ليس لهم شيء من ذلك ما لهم إلا الظن والخرص وقضايا العقيدة لا تكون بالظن.

السابقالتالي
2