الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلْعَزِيزُ ٱلْعَلِيمُ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } * { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } * { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا ٱسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } * { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ }

شرح الكلمات:

ولئن سألتهم: أي ولئن سألت هؤلاء المشركين من قومك يا رسولنا.

من خلق السماوات والأرض: أي من بدأ خلقهنّ وأوجدهن ليقولن خلقهن الله ذو العزة والعلم.

الذي جعل لكم الأرض مهاداً: أي الله الذي جعل لكم الأرض فراشا كالمهد للصبي.

وجعل لكم فيها سبلا: أي طرقا.

لعلكم تهتدون: أي إلى مقاصدكم في أسفاركم.

ماء بقدر: أي على قدر الحاجة ولم يجعله طوفاناً مغرقاً ومهلكاً.

فأنشرنا به بلدة ميتا: أي فَأَحْيَيْنَا به بلدة ميتا أي لا نبات فيها ولا زرع.

كذلك تخرجون: أي مثل هذا الإِحياء للأرض الميتة بالماء تحيون أنتم وتخرجون من قبوركم.

والذي خلق الأزواج كلها: أي خلق كل شيء إذا الأشياء كلها زوج ولم يعرف فرد إلا الله.

وجعل لكم من الفلك والأنعام: أي السفن، والإِبل.

لتستووا على ظهوره: أي تستقروا على ظهور ما تركبون.

وما كنا له مقرنين: أي مطيقين ولا ضابطين.

وإنا إلى ربنا لمنقلبون: أي لصائرون إليه راجعون.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في دعوة المشركين إلى التوحيد بقوله تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } أي ولئن سألت يا رسولنا هؤلاء المشركين من قومك قائلاً من خلق السماوات والأرض أي من أنشأهن وأوجدهن بعد عدم لبادروك بالجواب قائلين الله ثم هم مع اعترافهم بربوبيته تعالى لكل شيء يشركون في عبادته أصناماً وأوثاناً. في آيات أخرى صرحوا باسم الجلالة الله وفي هذه الآية قالوا: العزيز العليم أي الله ذو العزة التي لا ترام والعلم الذي لا يحاط به. وقوله تعالى: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } أي فراشاً وبساطاً كمهد الطفل وهذا من كلام الله تعالى لا من كلام المشركين إذْ انتهى كلامهم عند العزيز العليم فلما وصفوه تعالى بصفتي العزة والعلم ناسب ذلك ذكر صفات جليلة أخرى تعريفاً لهم بالله سبحانه وتعالى فقال تعالى: { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } أي بساطاً وفراشاً، وجعل لكم فيها سبلاً أي طرقاً لعلكم تهتدون إلى مقاصدكم لنيل حاجاتكم في البلاد هنا وهناك، والذي نزل من السماء ماء بقدر وهو المطر بقدر أي بكميات موزونة على قدر الحاجة منها فلم تكن ضحلة قليلة لا تنفع ولا طوفاناً مغرقا مهلكاً، وقوله { فَأَنشَرْنَا } أي أحيينا بذلك المطر بلدة ميتا أي أرضا يابسة لا نبات فيها ولا زرع. وقوله { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } أي مثل ذلك الأحياء للأرض الميتة يحييكم تعالى ويخرجكم من قبوركم أحياء.

وقوله { وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا } هذا وصف آخر له تعالى بأنه خلق الأزواج كلها من الذكر والأنثى، والخير والشر والصحة والمرض، والعدل والجور، إذْ لا فرد إلا هو سبحانه وتعالى وفي الحديث الصحيح الله وتر يحب الوتر قل هو الله أحد وقوله { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْفُلْكِ وَٱلأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ } هذا وصف آخر بصفاته الفعلية الدالة على وجوده وقدرته وعلمه والموجبة لألوهيته إذ جعل للناس من الفلك أي السفن ما يركبون ومن الأنعام كالإِبل ومن البهائم كالخيل والبغال والحمير كذلك وقوله { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } أي تستقروا على ظهوره أي ظهور ما تركبون، ثم تذكروا نعمة ربكم بقلوبكم إذا استويتم عليه وتقولوا بألسنتكم سبحان الذي سخر لنا هذا أي الله لنا واقدرنا على التحكم فيه، وما كنا له أي لذلك الحيوان المركوب بمقرنين أي بمطيقين ولا ضابطين لعجزنا وقوته، { وَإِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ } أي لصائرون إليه بعد موتنا راجعون.

السابقالتالي
2