الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ }

شرح الكلمات:

إلا وحياً أو من وراء حجاب: أي إعلاما خفيا سريعا في يقظة أو منام، أو يكلمه من وراء حجاب فيسمع الكلام ولا يرى الذات.

أو يرسلوا رسولا: أي أو يرسل ملكاً في صورة إنسان فيكلمه مبلغا عن الله تعالى.

إنه علي حكيم: أي الله تعالى ذو علو على سائر خلقه حكيم في تدبير خلقه.

وكذلك أوحينا إليك: أي كما كنا نوحي إلى سائر رسلنا أوحينا إليك يا محمد هذا القرآن.

روحاً من أمرنا: أي وحيا ورحمة من أمرنا الذي نوحيه إليك.

ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإِيمان: أي لم تكن قبل تدري أي شيء هو الكتاب، ولا الإِيمان الذي هو قول وعمل واعتقاد.

ولكن جعلناه نوراً نهدي به: أي جعلنا القرآن نورا نهدي به من نشاء من عبادنا إلى صراطنا.

وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم: أي الإِسلام.

ألا إلى الله تصير الأمور: أي ترجع أمور جميع العباد في يوم القيامة إلى الله تعالى.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } يخبر تعالى أنه ليس من شأن البشر كائنا من كان أن يكلمه الله تعالى إلا وحيا بأن يعلمه بطريق سريع خفي إلهاماً أو مناماً فيفهم عن الله تعالى ما ألقاه في روعه جازماً أنه كلام الله ألقاه إليه، هذه طريقة وثانية أن يكلمه الله تعالى فيسمعه كلامه بدون أن يرى ذاته كما كلم موسى عليه السلام غير مرة. وثالثة أن يرسل إليه رسولاً كجبريل عليه السلام فيبلغه كلام ربه تعالى هذا معنى قوله تعالى { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ } أي ذو علو على خلقه { حَكِيمٌ } في تدبيره لخلقه.

وقوله: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا أي كما كنا نوحي إلى سائر رسلنا أوحينا إليك يا محمد روحاً وهو القرآن وسمى روحاً لأن القلوب تحيا به كما تحيا الأجسام بالأرواح، وقوله { مِّنْ أَمْرِنَا } أي الذي نوحيه إليك الشامل للأمر والنهي والوعد والوعيد وقوله تعالى: { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ } أي القرآن { وَلاَ ٱلإِيمَانُ } الذي هو عقيدة وقول وعمل. وقوله: { وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً } أي جعلنا القرآن نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا إلى الإِيمان بنا وتوحيدنا وطلب مرضاتنا بفعل محابّنا وترك مساخطنا.

وقوله: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي وأنك يا رسولنا لتهدي إلى صراط مستقيم الذي هو الدين الإِسلامي وقوله { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي خلقا وملكا وعبيداً { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } أي وإليه تعالى مصير كل شيء، ومرد كل شيء إذ هو المالك الحق والمدبر لأمر المخلوقات كلها، ولذا وجب تفويض الأمر إليه والرضا بحكمه وقضائه ثقة فيه وفي كفايته.

السابقالتالي
2