الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } * { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

شرح الكلمات:

ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله: أي لا أحد أحسن قولا منه أي ممن دعا إلى توحيد الله وطاعته.

وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين: وعمل صالحاً وهي شرط أيضاً وقال إنني من المسلمين شرط ثالث.

ولا تستوي الحسنة ولا السيئة : أي لا تكون الحسنة كالسيئة ولا السيئة كالحسنة.

ادفع بالتي هي أحسن: أي ادفع أيها المؤمن السيئة بالخصلة التي هي أحسن كالغضب بالرضى، والقطيعة بالصلة.

كأنه ولي حميم: أي كأنه صديق قريب في محبته لك إذا فعلت ذلك.

وما يلقاها إلا الذين صبروا: أي وما يعطي هذه الخصلة التي هي أحسن.

إلا ذو حظ عظيم: أي ثواب عظيم وأجر جزيل هذا في الآخرة وأما في الدنيا فالخلق الحسن والكمال.

وإما ينزغنك من الشيطان نزغ: أي وإن يوسوس لك الشيطان بترك خير أو فعل شر.

فاستعذ بالله: أي فاستجر بالله قائلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

إنه هو السميع العليم: أي هو تعالى السميع لأقوال عباده العليم بما يصيبهم وينزل بهم.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى بشرى أهل الإِيمان وصالح الأعمال ذكر هنا بشرى ثانية لهم أيضا فقال: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } هذه ثلاثة شروط الأول دعوته إلى الله تعالى بأن يعبد فيطاع ولا يعص ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر والثاني وعمل صالحاً فأدى الفرائض واجتنب المحارم، والثالث وفاخر بالإِسلام معتزاً به وقال إنني من المسلمين، فلا أحد أحسن قولا من هذا الذي ذكرت شروط كما له، ويدخل في هذا أولا الرسل، وثانيا العلماء، وثالثا المجاهدون ورابعاً المؤذنون وخامسا الدعاة الهداة المهديون هذا ما دلت عليه الآية الأولى [33]. وقوله تعالى: { وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ } هذا تقرير إلهي يجب أن يعلم وهو أن الحسنة لا تستوي مع السيئة وأن السيئة لا تستوي مع الحسنة فالإِيمان لا يساوى بالكفر، والتقوى لا تساوى بالفجور، والعدل لا يساوى بالظلم.

كما أن جنس الحسنات لا يتساوى، وجنس السيئآت لا يتساوى بل يتفاضل فصيام رمضان لا يساوي صيام رجب أو محرم تطوعاً، وسيئة قتل المؤمن لا تستوي مع شتمه أو ضربه وقوله تعالى: { ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي بعد أن عرفت يا رسولنا عدم تساوي الحسنة مع السيئة إذا فادفع السيئة بالخصلة التي هي أحسن من غيرها فإذا الذي بينك وبينه عداوة قد انقلب في بره بك واحترامه لك واحتفائه بك كأنه ابن عم لك يحبك ويحترمك ولما كانت هذه الخصلة وهي الدفع بالتي هي أحسن لا تتأتى إلا لذوي الأخلاق الفاضلة والنفوس الكاملة الشريفة قال تعالى: { وَمَا يُلَقَّاهَا } أي وما يعطي هذه الخصلة { إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } فكان الصبر خلقاً من أخلاقهم { وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } في الأخلاق والكمال النفسي، في الدنيا، والأجر العظيم وهو الجنة في الآخرة.

السابقالتالي
2