الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ } * { فِي ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } * { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ } * { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } * { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ }

شرح الكلمات:

يجادلون في آيات الله: أي في القرآن وما حواه من حجج وبراهين دالة على الحق هادية إليه.

أنى يصرفون: أي كيف يصرفون عن الحق مع وضوح الأدلة وقوة البراهين.

الذين كذبوا بالكتاب: أي بالقرآن.

وبما أرسلنا به رسلنا: من وجوب الإسلام لله بعبادته وحده وطاعته في أمره ونهيه والإِيمان بلقائه.

فسوف يعلمون: أي عقوبة تكذيبهم.

إذ الأغلال في أعناقهم: أي وقت وجود الأغلال في أعناقهم يعلمون عاقبة كفرهم وتكذيبهم.

ثم في النار يسجرون: أي يوقدون.

ثم يقال لهم أين ما كنتم: أي يسألون هذا السؤال تبكيتاً لهم وخزياً.

تشركون من دون الله: أي تعبدونهم مع الله.

قالوا ضلوا عنا: أي غابوا عنا فلم نرهم.

بل لم نكن ندعو من قبل شيئا: أي أنكروا عبادة الأصنام، أوْ لَمْ يعتبروا عبادتها شيئاً وهو كذلك.

كذلك يضل الله الكافرين: أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين يضل الله الكافرين.

بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق: أي بالشرك والمعاصي.

وبما كنتم تمرحون: أي بالتوسع في الفرح، لأن المرح شدة الفرح.

فبئس مثوى المتكبرين: أي دخول جهنم والخلود فيها بئس ذلك مأوى للمتكبرين.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الدعوة إلى التوحيد وإلى الإِيمان بالبعث والجزاء، وتقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فقوله تعالى { أَلَمْ تَرَ } أي يا محمد { إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ } القرآنية لإِبطالها وصرف الناس عن قبولها أو حملهم على إنكارها وتكذيبها والتكذيب بها وهذا تعجيب من حالهم. وقوله تعالى: { أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ } أي كيف يصرفون عن الحق بعد ظهور أدلته. وقوله { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ } الذي هو القرآن { وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا } من التوحيد والإِيمان { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } عاقبة تكذيبهم وقت ما تكون الأغلال في أعناقهم والسلاسل في أرجلهم يسحبون أي تسحبهم الزبانية في الحميم هو ماء حار تناهى في الحرارة في النار يسجرون أي توقد بهم النار كما توقد بالحطب، هذا عذاب جسماني ووراءه عذاب روحاني إذ تقول لهم الملائكة توبيخا وتبكيتاً وتأنيبا وتقريعاً: { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ } أي أين أوثانكم التي كنتم تعبدونها مع الله؟ فيقولون: ضلوا عنا أي غابوا فلم نرهم، بل ما كنا ندعو من قبل شيئاً هذا إنكار منهم حملهم عليه الخوف أو هو بحسب الواقع أنهم ما كانوا يعبدون شيئاً إذ عبادة الأصنام ليست شيئاً لبطلانها.

وقوله { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } أي حل بكم هذا العذاب بسبب فرحكم بالباطل من شرك وتكذيب وفسق وفجور، في الدنيا، وبسبب مرحكم أيضا وهو أشد الفرح وأخيراً يقال لهم { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ } باباً بعد باب وهي أبواب الدركات { خَالِدِينَ فِيهَا } لا تموتون ولا تخرجون { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } أي ساء وقبح مثواكم في جهنم من مثوى أي مأوى.

السابقالتالي
2