الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ } * { هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } * { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

شرح الكلمات:

ولقد آتينا موسى الهدى: أي أعطينا موسى بني إسرائيل المعجزات والتوراة.

وأورثنا بني إسرائيل: أي أبقينا فيهم التوراة كتاب الهداية الإِلهية يهتدون به في ظلمات الحياة ويذكرون به الله في تراكم النسيان.

واصبر إن وعد الله حق: أي واصبر يا محمد على ما تلاقي من قومك إن وعد الله بنصرك حق.

واستغفر لذنبك: ليقتدي بك في ذلك ولزيادة طهارة لروحك وتزكية لنفسك.

وسبح بحمد ربك: أي نزه ربك وقدسهُ بالصلاة والذكر والتسبيح فيها وخارجها.

بالعشي والإِبكار: بالمساء وأول النهار أي في أوقات الصلوات الخمس كلها.

إن في صدورهم إلا كبر: أي ما في صدورهم إلا كبر حملهم على الجدال في الحق، لا أن لهم علماً يجادلون به، وإنما حبهم العلو والغلبة حملهم على ذلك.

فاستعذ بالله: أي استعذ من شرهم بالله السميع لأقوالهم العليم بأعمالهم ونياتهم وأحوالهم.

لخلق السماوات والأرض: أي لخلق السماوات والأرض ابتداء ولأول مرة.

أكبر من خلق الناس: أي أعظم من خلق الناس مرة أخرى بعد الأولى.

معنى الآيات:

قوله تعالى { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ } الآية شروع في تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما يلاقي من قومه فأعلمه تعالى أنه قد سبق أن أرسل موسى وآتاه الكتاب الذي هو التوراة وأورثه في بني إسرائيل هدى أي هاديا لهم في ظلمات الحياة إلى الحق والدين الصحيح الذي هو الإِسلام وذكرى لأولي الألباب أي يذكر به أولوا العقول، ولاقى موسى من قومه أشد مما لاقيت إذاً فاصبر على ما تعانيه من قريش وأن العاقبة لك فإن وعد الله حق وقد قال إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد أي يوم القيامة.

وقوله: { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } أرشده إلى مقومات الصبر والموفرات له وهي ذكر الله تعالى بالاستغفار والدعاء والصلاة والتسبيح فيها وخارجها. فأعظم عون على الصبر الصلاة فلذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر فَزِعَ إلى الصلاة وقوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ } أي حجة من علم إلهي أتاهم بطريق الوحي إن في صدورهم أي ما في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه أي لا يصلون إليه بحال وهو الرئاسة عليك والتحكم فيك وفي أصحابك. وعليه فاستعذ بالله من شرهم ومن مكرهم إنه تعالى هو السميع لأقوالهم البصير بأحوالهم وأعمالهم، وسوف لا يمكن لهم منك أبداً لقدرته وعلمه وعجزهم وجهلهم.

وقوله تعالى: { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } هذا رد على منكري البعث والجزاء الآخر فلما قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون.. قال تعالى: وعزتنا وجلالنا لخلق السماوات والأرض ابتداء من غير مثال سابق ولا مادة قائمة موجودة أكبر من خلق الناس مرة أخرى بعد خلقهم المرة الأولى، ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقائق العلمية لجهلهم وبعدهم عن العقليات لما عليهم من طابع البداوة وإلا فإعادة الشيء أهون من بدئه عقلا فليس الاختراع كالإصلاح للمخترع إذا فسد.

السابقالتالي
2