الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً }

شرح الكلمات:

قوامون: جمع قوام: وهو من يقوم على الشيء رعاية وحماية وإصلاحاً.

بما فضل الله بعضهم: بأن جعل الرجل أكمل في عقله ودينه وبدنه فصلح للقوامة.

وبما أنفقوا من أموالهم: وهذا عامل آخر مما ثبتت به القوامة للرجال على النساء فإن الرجل بدفعه المهر وبقيامه بالنفقة على المرأة كان أحق بالقوامة التي هي الرئاسة.

الصالحات: جمع صالحة: وهي المؤدية لحقوق الله تعالى وحقوق زوجها.

قانتات: مطيعات لله ولأزواجهن.

حافظات للغيب: حافظات لفروجهن وأموال أزواجهن.

نشوزهن: النشوز: الترفع عن الزوج وعدم طاعته.

فعظوهن: بالترغيب في الطاعة والتنفير من المعصية.

فلا تبغوا عليهن سبيلاً: أي لا تطلبوا لهن طريقاً تتوصلون به إلى ضربهن بعد أن أطعنكم.

شقاق بينهما: الشقاق: المنازعة والخصومة حتى يصبح كل واحد في شق مقابل.

حكماً: الحكم: الحاكم، والمحكم في القضايا للنظر والحكم فيها.

معنى الآيتين:

يروى في سبب نزول هذه الآية أن سعد بن الربيع رضي الله عنه أغضبته امرأته فلطمها فشكاه وليها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يريد القصاص فأنزل الله تعالى هذه الآية { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ } فقال وليّ المرأة أردنا أمراً وأراد الله غيره، وما أراده الله خير. ورضي بحكم الله تعالى وهو أن الرجل ما دام قواماً على المرأة يرعاها ويربيها ويصلحها بما أوتي من عقل أكمل من عقلها، وعلم أغزر من علمها غالباً ويُعد نظر في مبادىء الأمور ونهاياتها أبعد من نظرها يضاف إلى ذلك أنه دفع مهراً لم تدفعه، والتزم بنفقات لم تلتزم هي بشيء منها فلما وجبت له الرئاسة عليها وهي رئاسة شرعية كان له الحق أن يضربها بما لا يشين جارحة أو يكسر عضواً فيكون ضربه لها كضرب المؤدب لمن يؤدبه ويربيه وبعد تقرير هذا السلطان للزوج على زوجته أمر الله تعالى بإكرام المرأة والإِحسان إليها والرفق بها لضعفها وأثنى عليها فقال: { فَٱلصَّٰلِحَٰتُ } ، وهن: الائي يؤدين حقوق الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحقوق أزواجهن من الطاعة والتقدير والاحترام { قَٰنِتَٰتٌ }: أي مطيعات لله تعالى، وللزوج، { حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ } أي حافظاتٌ مالَ الزوج وعرضه لحديث: " وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله " ، { بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ } أي بحفظ الله تعالى لها وإعانته لها إذ لو وكلت إلى نفسها لا تستطيع حفظ شيء وإنْ قَل. وفي سياق الكلام ما يشير إلى محذوف يفهم ضمناً وذلك أن الثناء عليهن من قبل الله تعالى يستوجب من الرجل إكرام المرأة الصالحة والإِحسان إليها والرفق بها لضعفها، وهذا ما ذكرته أولاً نبهت عليه هنا ليعلم أنه من دلالة الآية الكريمة، وقد ذكره غير واحد من السلف.

السابقالتالي
2 3