الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } * { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }

شرح الكلمات:

آمنوا: صدقوا الله والرسول.

بالباطل: بغير حق يبيح أكلها.

تجارة: بيعاً وشراءً فيحل لصاحب البضاعة أن يأخذ النقود ويحل لصاحب النقود أخذ البضاعة، إذاً لا باطل.

تقتلوا أنفسكم: أي تزهقوا أرواح بعضكم بعضاً.

عدواناً وظلماً: اعتداء يكون فيه ظالماً.

نصليه ناراً: ندخله نار جهنم يحترق فيها.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في بيان ما يحل وما يحرم من الأموال والأعراض والأنفس ففي هذه الآية [29] ينادي الله تعالى عباده المؤمنين بعنوان الإِيمان فيقول: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } وينهاهم عن أكل أموالهم بينهم بالباطل بالسرقة أو الغش أو القمار أو الربا وما إلى ذلك من وجوه التحريم العديدة فيقول: { لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ } ، أي بغير عوض مباح، أو طيب نفس، ثم يستثنى ما كان حاصلا عن تجارة قائمة على مبدأ التراضي بين البيعين لحديث " إنما البيع عن تراض " و " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " فقال تعالى: { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ } فلا بأس بأكله فإنه حلال لكم. هذا ما تضمنته هذه الآية كما قد تضمنت حرمة قتل المؤمنين لبعضهم بعضاً فقال تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } والنهي شامل لقتل الإِنسان نفسه وقتله أخاه المسلم لأن المسلمين كجسم واحد فالذي يقتل مسلماً منهم كأنما قتل نفسه. وعلل تعالى هذا التحريم لنا فقال إن الله كان بكم رحيماً، فلذا حرَّم عليكم قتل بعضكم بعضاً.

هذا ما تضمنته الآية الأولى [29] أما الآية الثانية [30] فقد تضمنت وعيداً شديداً بالإِصلاء بالنار والإِحراق فيها كل من يقتل مؤمناً عدواناً وظلماً أي بالعمد والإِصرار والظلم المحض، فقال تعالى: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } أي القتل { عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ } أي الإِصلاء والإحراق في النار { عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } لكمال قدرته تعالى فالمتوعد بهذا العذاب إذا لا يستطيع أن يدفع ذلك عن نفسه بحال من الأحوال.

هداية الآيتين:

من هداية الآيتين:

1- حرمة مال المسلم، وكل مال حرام وسواء حازه بسرقة أو غش أو قمار أو ربا.

2- إباحة التجارة والترغيب فيها والرد على جهلة المتصوفة الذين يمنعون الكسب بحجة التوكل.

3- تقرير مبدأ " إنما البيع عن تراض، والبيعان بالخيار ما لم يتفرقا ".

4- حرمة قتل المسلم نفسه أو غيره من المسلمين لأنهم أمة واحدة.

5- الوعيد الشديد لقاتل النفس عدواناً وظلماً بالإِصلاء بالنار.

6- إن كان القتل غير عدوان بأن كان خطأ، أو كان غير ظلم بأن كان عمداً ولكن بحق كقتل من قتل والده أو ابنه أو أخاه فلا يستوجب هذا الوعيد الشديد.